السبت، 19 يناير 2013

الثورة كمسجد الصبور .. سقفها السماء ! - بقلم الحر الموسوي


هل المطلوب وحدة القيادة.. أم وحدة الهدف؟؟!
هل المطلوب وحدة تعدّدية.. أم وحدة صنمية؟!

تذكّرت مسجد الصبور الذي رفض السقف إلى يومنا هذا, ولم يقبل بغير السماء سقفا له, حينما تذكرت الكلمة التاريخية لسماحة القائد الشيخ المحفوظ فرج الله عنه وبقية القيادات والرموز حينما قال: "هذه ثورة الشباب.. لا تجعلوا لكم سقفا.. فسقفكم السماء.. نحن مجرد داعمين لكم" .

بينما حاولت بعض الجهات منذ 23 شهرا لتركيب سقف على الثورة, ومحاولة فرض قيادة على هذا السقف لاحتواء الثورة وتوجيهها, ومحاولة تمثيلها وتمثيل مطالبها تحت قيادة مركزية تتمثل في شخصية معينة في قبال دعوات اللامركزية في القيادة تحت ذريعة "الوحدة" .

في الوقت الذي سعى فيه البعض ولا يزال يسعى ليفرض نفسه كقيادة على الثورة, كان هناك أيضا من سعى ويسعى بإخلاص بتقريب وجهات النظر وخلق أرضية مشتركة للانطلاق منها إلى تحقيق أهداف الثورة.

كان الفرق شاسعا وواضحا منذ البداية في دوار الشهداء بين من سعى إلى "وحدة القيادة" وبين من سعى إلى "وحدة الأهداف", فمن كان يسعى إلى وحدة القيادة كان يسعى لمصالحه الحزبية، وعينه على استحقاقات الثورة, بينما كان من يسعى لوحدة الأهداف من أجل مصلحة الثورة.

حاول الحزبيون بكل الطرق استغلال مفهوم الوحدة لاحتواء الثورة تحت مظلتهم الحزبية، وهذا تدليس واضح لمفهوم الوحدة واستحمار فكري واضح، لأن الوحدة لا تعني إلغاء الآخر وتهميشه, وإخضاعه لقيادتك.

الوحدة تعني التكامل, وتعني التعاون لتحقيق الأهداف, وليس السيطرة على الآخر ومصادرة مطالبه وآرائه, ومحاربة شعاراته وأهدافه, فهذا النوع من التوجهات والمفاهيم لا يصنع إلا وحدة عرجاء وعوراء، وتُأصِّل لديكتاتوريات بديلة عن الأنظمة.

وحدة القيادة تدعو إلى الخضوع والاستسلام لشخص واحد ولرأي واحد, هي حالة صنمية تخالف التعدّدية والديمقراطية, وتخلق بيئة طبيعية لولادة هُبَل جديد, وفرعون جديد, على مجموعة عبيد, أو تخلق حالة قطيع.

إن وحدة القيادة لا تعني شخصا, ولا تعني قائدا وحيدا يستأثر بالقرار, بل تعني وحدة القرار والأهداف من قيادات متعددة, لأن الأهداف يمكن جمعها, بينما القيادات المتعدّدة لا يمكن إلغاؤها أو اختزالها في شخصية واحدة. إن وحدة الهدف أو الأهداف ممكنة, بينما وحدة القيادة في شخص مستحيلة في ظل التعدّد والتنوّع، إلا اذا كان هناك قائدا مقبولا من الجميع ويتبنّى مطالبهم ويعبِّر عن همومهم جميعا, أو يكون هو من أطلق الثورة.

إن هذا الأمر غير متحقِّق بالنسبة لثورة البحرين, لذلك فشلت كل حفلات تنصيب قيادة على الثورة, وفشلت كل مهرجانات وضع سقف لمطالب الثورة, كما فشلت الدعوات لخنق شعارات الثورة.

إن الدعوات إلى قيادة الشخص الواحد دعوات غير ناضجة وقراءتها غير دقيقة, سواء جاءت من جمعيات أو شخصيات في داخل السجن أو من خارجه، ولا تنتمي لهذا الجيل الجديد من الشباب الذي يرفض أن يوضع سقفا أو شخصا على رأسه.

لا يمكن أن تضع قائدا على ثورة لم يطلقها فحسب, بل لم يتبنّى حتى مطالبها لاحقا, فضلا عن محاربته شعاراتها, فتكون الدعوات لمثل هذه القيادة نوعا من الترف، والقيادة من أجل القيادة، وهذا مرض خطير يهدِّد الثورة، وهي محاولات بائسة كمحاولة الرقص في وسط المسجد أو الصلاة في قاعة ملهى.

إن الفارق كبير بين من يقول: "أنتم القادة والسماء سقفكم ونحن معكم" , وبين من يقول: "نحن القيادة، ونحن سقفكم، وكونوا معنا وتحت أمرنا وقيادتنا" .

إن القيادة الحقيقية هي التي تدعو وتعمل على تحقيق مطالب الناس, وليس القيادة التي تحقِّق مطالبها بالناس، وإن الفارق أكبر بين من يدعو إلى الوحدة التعددية, وبين من يدعو إلى الوحدة الصنمية.

إن الشباب والثورة خلال 23 شهرا الماضية أثبتوا أنهم كمسجد الصبور.. لا يقبل سقفا غير السماء..

ودمتم بخير.


الحر الموسوي
@asmohd2

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق