السبت، 19 يناير 2013

إنها فاتورة ندفعها.. هي زوايانا نكررها - بقلم السيد محمد علي العلوي


3 ربيع الأول 1434هـ/ 15 يناير 2013م

ماذا لو أعلنت قوى 14 فبراير تراجعها عن السقف الأعلى (إسقاط النظام) بعد وقوفها على بعض الأخطاء في تشخيصاتها السابقة؟ كيف سيكون موقف جماهيرها؟

ماذا لو أعلنت قوى المعارضة السياسية تجاوزها لمطلب (إصلاح النظام) وتبنيها للسقف الأعلى (إسقاط النظام) بعد أن يتبين لها خطأ ما كانت عليه؟ كيف سيكون موقف جماهيرها؟

ماذا لو أعلن آية الله العظمى المرجع الديني (… دام ظله) تراجعه عن فتواه بـ(حرمة التطبير) بعد أن قام عنده دليل على (جوازه)؟ كيف سيكون موقف مقلديه؟

ماذا لو أعلن آية الله العظمى المرجع الديني (… دام ظله) تراجعه عن فتواه بـ(جواز أو استحباب التطبير) بعد أن قام عنده دليل على (حرمته)؟ كيف سيكون موقف مقلديه؟

كلها ممكنات لا ممنوعية فيها على الإطلاق، أما الموقف السياسي فبناء على تحليلات ومعطيات قد يتراجع صاحبها عنها في لحظة مراجعة، وأما الفتوى الشرعية فبناء على أمارات معينة قد يراجعها الفقيه أو يراجع غيرها فيظهر له عدم صوابية الدلالة التي انتهى إليها سابقًا، وكل هذا ممكن قطعًا، ولو أن الجماهير تدرك ذلك لما فكرت ساعة في التعصب إلى رأي أو أن تحصر نفسها في زاوية ضيقة لا ترى فيها غير نفسها، ولكن الحال على العكس من ذلك تمامًا، إذ أن الحالة العامة يغلب عليها التثاقف الحاد جدًا، ومنه تبرز العديد من حالات الإنفلات الثقافي الهستيري الشديد، ترافقه رذيلة العزة الأخاذة بالإثم عن سبق إصرار وترصد مطلقًا.

لقد أدت بنا حالات الإنغلاق الثقافي إلى ظلامية في الأفق حتى أصبحنا لا نرى حوارًا إلا وينتهي إلى تنازع وتخالف وعراك وقطيعة، فلا هذا يريد أن يفهم ولا ذاك على استعداد ليعلم، وهو الوضع الطبيعي لمن يرى نفسه الصح المطلق مع رفض تام لتغيير موقفه مهما قامت على التغيير أدلة وبراهين، وهذا لأنه بالأمس كان دفاعه شرسًا عنيفًا متصلبًا صنميًا وكأن رأيه بوحي من السماء، ولذلك فهي عظيمة عليه أن يبدي تراجعًا ولو طفيفًا، والنتيجة أنه يكون أمام أمرين، فإما أن يواصل الدفاع (الغبي) فتأخذه العزة بالإثم ويبدأ بالتخبط والكذب واتهام الآخرين انتصارًا لنفسه الأمارة بالسوء، وإما أن ينزوي ويعيش حالة حادة من ردات الفعل السلبية.

من الضروري جدًا أن يثبت الواحد منا على قناعاته ومواقفه إذا كانت عن استدلالات صحيحة مستقيمة، ولكنه من الضروري أيضًا أن لا يغلق الأبواب على نفسه وفي وجه الآخرين، بل الأهم أن يبقى مراجعًا لنفسه دائمًا متدارسًا لقناعاته ومواقفه، ومتى ما جدت معطيات جديدة تحرك هو في أطره الخاصة القابلة لبلورة القناعات أو تصحيحها أو تغييرها من رأس، ولا عيب في ذلك طالما أن الحاكم هو الدليل والبرهان، فنحن أبناء الدليل أينما مال نميل، وهذا لن يكون إلا بالانفتاح على مختلف الثقافات بعد البناء الأساسي الذي يحدد الإطار المرجعي الأصل.

في تقديري أننا مقبلون على تحولات سياسية ليست بالبسيطة، وخطرها ليس فيها، وإنما في ما تؤسس له من ثقافات جديدة لا أراها –في الغالب- مناسبة لنا، وإن لم نتغلب اليوم على زوايانا الثقافية والفكرية المقيتة في حديتها وضيقها فإننا كمجتمع سوف نقع في مستنقع خطير جدًا هو في الواقع تابع لمقدمات سياسية قد صيغت بالفعل، وما أتوقعه هو أننا سوف نجانب الصواب في خياراتنا أو أننا سوف ننفر من كل طرح ديني كان أو غير ذلك، ولا أستبعد أن نتحول إلى شيء يشبه جماعة (Hippies)، ولن يأخذنا إلى هناك إلا ضيقنا (التديني) وصدورنا الحرجة من الآخر..

والستار الله..

@alalawi14

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق