السبت، 16 مارس 2013

اكتب لنفسك لا للثورة - بقلم حقي كإنسان




خرج الناس في بداية ثورة 14 فبراير مطالبين بإصلاحات محدودة في النظام البحريني، عقبها تحوّل المطلب إلى إسقاط النظام بعد سقوط أول شهيد والتيقُّن بأن هذا النظام لا توجد لديه أدنى بادرة لإصلاح نفسه بعد كل ما فعل من انتهاكات، وهذا ديدن الظلمة على مر العصور، وهو ما بيّنه قرآننا الحنيف ونبينا الكريم (ص) والأئمة عليهم السلام قبل مئات السنين، والأنبياء قبلهم بآلاف السنين.

واقعا إن أكثر من تجاوب مع بداية إعلام الثورة المحدود هو النظام نفسه لا الناس، فالناس كان تجاوبهم الأساسي الهتاف ورفع الأيدي أثناءها، فلم يفكروا في الضرب أو القتل أو ما شابه، فقط سيقومون بثورة هادئة يعبِّرون فيها أنهم غير راضين عن وضعهم المعيشي في وطنهم وأنهم يريدون شيئا من حقهم في خيرات هذا الوطن... أما النظام فقد جيَّش الجيوش وأعدَّ الأسلحة واستعد بتعطُّشٍ للدماء... وإلا فما مبرر إطلاق الرصاص والشوزن ليتفجّر رأسٌ هنا ويتقطَّع لحمٌ هناك لمجرد أنه رفع يديه وصوته الخاليين من السلاح والتحريض على القتل؟!

هنا بدأت الثورة فعلا وبدأت الناس تخرج، وزاد الإعلام والزخم المهيب، وظهر من هذه الجموع أناس مبدعون بشكل يومي ومستمر يثير العجب!! مصوِّرون محترفون... ممنتجون محترفون... ناشرون محترفون... متكلِّمون محترفون... رسّامون محترفون... مسعفون محترفون... كتّاب مبدعون... مفكّرون مبدعون لفعاليات غريبة وجديدة من نوعها... أظهروا الثورة وأوصلوها لأصقاع العالم بإمكانيات محدودة وأموال متواضعة، وانتصروا إعلاميا على إعلام النظام الذي يدفع الآلاف لموظفيه، والملايين لوسائل التصوير الحديثة!

ألا يدل هذا الانتصار على قوة هؤلاء المبدعين وأحقية قضيتهم وتفوّقها على المتخصصين الإعلاميين التابعين لخط النظام الباطل؟!

سألنا أنفسنا بالأمس: من أين أتت كل هذه الطاقات والإبداعات، وأين كان كل هؤلاء المبدعين مغمورين خلال تلك السنين؟!... وكنا نقول في أنفسنا: هنيئا لنا بهم...

أما اليوم فقد اختلف الوضع كثيرا وتغيّر السؤال، فقد أصبحنا نسأل أنفسنا: أين اختفى كل هذا العدد من المبدعين ولماذا اختفوا؟!

لوحظ في الفترة الأخيرة انسحاب العديد من الإخوة والأخوات العاملين في المجال الثوري والسياسي، وبالتالي انخفض مستوى الإعلام الثوري كثيرا، وقد أصبح الغالب على الناس الابتعاد عن السياسة والثورة إلا في أوقات معينة كفعاليةٍ هنا أو خبر هناك، بل حتى الكلام في هذه الأوقات والفعاليات تكون نادرة، فهي لا تتجاوز الساعتين في أيام الإجازة الرسمية، ثم تعود الحياة طبيعية بعد كل الاعتقالات والانتهاكات!

لسنا هنا بصدد بيان مواقع الخلل التي بسببها وصلنا إلى ما وصلنا إليه اليوم في الثورة، فالكثير حلّل وتحدث حول هذا الأمر، كما أن الوضع أصبح مملا عموما، فلا وسائل حقيقية لهزيمة العدو، وأغلب العقول تسودها التبعية المفرطة للعمائم الزرقاء ومن تبعها بإحسان، ولكن كلامنا سيتركز بسؤال آخر وهو:

هل من الصحيح أن نظهر طاقاتنا وإبداعاتنا وقت الثورات فقط؟ ماذا لو انتهت الثورة ولم تكن هناك ثورة أخرى.. هل ستختفون للأبد؟! هذا ما نريد الكلام عنه...

أولا فلنسأل أنفسنا: أين ذهب هؤلاء المبدعون؟

هل أصابتهم ظروف قاهرة؟... صعب جدا، صعب جدا أن ينسحب هذا العدد الكبير من الساحة لظروف عائلية أو لظروف عمل قاهرة أو لأنه مطلوب من قبل النظام أو غير ذلك!.. نعم.. نستطيع القول بأن هناك من لديه ظروف قاهرة إجمالا، ولكننا لا نستطيع أن نقول بأن الجميع معذور ولهم ظروفهم القاهرة، ففترة الانسحاب الزمنية واحدة تقريبا، وصعب أن يتفق حصول ظروف قاهرة لنا جميعا ومناطقنا مختلفة ولا نعرف بعضنا، ولا تطور في أحداث الثورة بشكل يجعل كل هذا العدد الكبير مطلوبا فجأة ولا أحد يعلم عنهم، كما أن أسباب الانسحاب مجهولة بأن يقال "ظروف الحياة الصعبة" أو "مشاغل الحياة والعمل" أو "الأولاد والمنزل والجامعة".. هي كلمات عامة تعني "أنا أقول وأنت افهم وانتهى.. وطبعا لا تسأل عن تفصيلات".. كل هذه قرائن تدل على أن هناك انسحابات ليست لأسباب قاهرة..

حسنا، هل تم اعتقالهم جميعا؟... لا يمكن ذلك، فنحن نعرف أن الكثيرين ممن انسحبوا من الساحة اليوم وتركوا ما كانوا يفعلونه من أعمال ألزموا أنفسهم بها بالأمس، ولم يكونوا يتوانون أو يتقاعسون في العمل حتى مع ظروفهم الصعبة..

إذاً هل أصابهم اليأس ورأوا أن الثورة خمدت وانتهت؟... أمر وارد.. وارد جدا.. فهناك من تعب وتململ ويأس فعلا.. وهو أمر طبيعي مما نراه من وجود مسيطِرة وعقول مسيطَرة.. عقول مُزرَقَّة وعقول مُحْوَلَّة... فلا قيادة واعية ولا شعبٌ واعٍ.. ولكن هناك بالمقابل أيضا من لم يصبه أيٌّ من ذلك، بل له ظروفه الخاصة القاهرة فقط..

هل هناك أسباب أخرى؟... عن نفسي أنا كاتب الموضوع لا أعلم أسبابا أخرى وننتظر من يعطينا أسبابا أخرى للنشر والمناقشة للفائدة...

والآن نأتي لصلب موضوعنا وهو: هل من الصحيح أن نظهر طاقاتنا وإبداعاتنا وقت الثورات فقط؟

الجواب: عندما نسأل أنفسنا أو غيرنا عن كيفية اكتشاف إبداعاتنا كالتصوير أو الكتابة أو الرسم أو غير ذلك تأتينا غالبا هذه الإجابة: كلمة (الثورة) أو مقولة (الحاجة أم الاختراع) -والتي تعني الثورة أيضا ولكن بشكل غير مباشر-، وهو في نفسه أمر جيد بأن عرفنا أننا نملك عقلا نشطا في تخصص أو أكثر، ولكن المصيبة هو ترك ما نجيده ونبدع فيه بدعوى الانشغال! لدينا في كلِّ يوم أربع وعشرون ساعة ولا نستطيع أن نعمل ما نجيده لفائدة أنفسنا والآخرين، ما هذا؟! يجب أن نعمل للنفس لا للثورة...

سنضع تخصص وفن "الكتابة" كمثال لنستطيع فهم الفرق بين "العامل للثورة" و"العامل للنفس"...

الفرق بين "الكاتب للثورة" و"الكاتب للنفس":

- الكاتب للثورة طاقته محدودة، فهو لا ينشط إلا عند وجود ثورة، فإذا لم توجد ثورة في حياته فسيكون إبداعه صفرا، أما الكاتب للنفس فهو يفيد نفسه بمواصلة الكتابة، والذي هو مواصلة في تنمية فكره، وهذا سيعطيه خبرة في الكتابة تفيده فيما لو أتت ثورة، ولن يخسرها لو ذهبت هذه الثورة.

- الكاتب للثورة متابعته محدودة، فهو يتابع الثورة ما أمكنه، ولكن لو توقفت الثورة توقفت متابعته، ولكن الكاتب للنفس متابعته للأمور تجعله يتابع أولا ليكتب، ويستمر في المتابعة ثانيا ليستمر في الكتابة، ولذا فعلى من عرف أنه يملك موهبة الكتابة أن يكتب أولا، وأن يستمر في الكتابة ثانيا.

نصائح أخيرة:

- يجب على الكاتب أن يقرأ كثيرا ويتعلم كثيرا عبر سمعه وبصره وحواسه ليتفجَّر فيه حب الكتابة، أما إن كانت كتابته لحدث يمكن مؤقت فلن يستفيد ولن يفيد الآخرين إلا مؤقتا، فيجب على الكاتب أن يكتب ليفيد نفسه أولا بأن يبحث ويكتب ويقرأ ليزداد خبرة ونضجا فكريا، وهذا سنعكس عليه بتعليم الآخرين وإفادتهم.

- يجب أن الكاتب أن ينظر للرضا قبل الكتابة... رضا الله ورسوله... رضا الناس... وفِّق ما استطعت بين الرضائين في الكتابة... ولكن إن كان عليك الاختيار... فاختر الصواب ولو لامك الناس... ولذا فعلى الكاتب أن يتحرى الدقة قبل الكتابة، فإن كتب كذبة هنا وانحرافا هناك فستكون في رقبته يوم القيامة.

- إن كنت تستطيع الكتابة في الدين فاكتب... إن كنت تستطيع الكتابة في السياسة فاكتب... إن كنت تستطيع الكتابة في الشعر فاكتب... إن كنت تستطيع الكتابة في المشاكل الاجتماعية والأسرية فاكتب... اكتب ثم اكتب ثم اكتب... اجعل أحرفك حياةً لأرواح تقرؤها... أحرفٌ ترشد من ضلّ الطريق... أحرفٌ تسعد الشخص الغريق... أحرفٌ تقتل الحزن العميق... أحرفٌ تعينك يوم لا مالٌ ولا صديق...

- نحتاج أولا أن نبدع في وضع قواعد في عقولنا نعلِّم فيها أنفسنا أن يستمر إبداعنا فيما نجيده بعد معرفته... نحتاج أن نعرف كيفية استغلال الـ24 ساعة ما أمكن... لا تقل للناس أنك "مشغول" وأكثر شغلك في يومك هو النوم والجلوس عند التلفاز! لا تقل بأنك مشغول وشغلك هو "الفراغ".

أيها الكاتب المنسحب أو المختفي من الثورة ومن شتى وسائل التواصل... أنت اليوم لا تفيد أحدا ولا تفيد حتى نفسك... اكتب لنفسك تُفِدْ المجتمع... اكتب لنفسك تُفِدْ الناس... ولكن يجب عليك أن تركِّز في الكل لا الجزء... اكتب لنفسك لا للثورة...

حقي كإنسان
@eHAQYe
15-03-2013

العار لكم - بقلم زينب التاجر



يقولـــون الجماعــة هـــذا مبــدأنا
نحب سلمان ولو هو بعد مـ يحبنا
وحمد ما أذنب وما غلط في حقنا
ولا تقولون يسقط أبــد يا ثـــوّار

وإذا مرتزق منــهم يعـتدي اعليــه
يظل الشـعب يهـتف دوم سلــمية
وبنـــقدِّم لــهــم وردة وجــوريـــة
وغلط تشعل يـ ثائر بالشوارع نار

بفهمك يالذي تــحب ولد هالحيوان
عامل ليّه روحك شــاطر وفهــمان
تظن بيفيدكم فاشل مثل سلــمان
نسيت اللي حصل للناس في الدوّار

خاين للعـــهد مــا يصــدق بكلــمة
أمل عندك إليكم منصب يســلمـه
ما تحصل حقيقة هذي بس حلـمة
الولد مثل الأبو وطبع الأبو غـدّار

نهــاية هالكــلام اللي أنــا قلــتـه
إلك يالذي عهدك للشـعب خنــته
وصلاحك على خير الوطن قدّمـته
هذا الفعل في صفحتك خزي وعار


زينب التاجر
@zeezoo_7

الصواب والخطأ بين العاطفة والعقل... - بقلم بحرينية الهوية



تنقسم حياة الإنسان إلى مراحل وهي:

1- مرحلة: الطفولة
2- مرحلة: التمييز
3- مرحلة: الإبداع

تعتبر مرحلة الطفولة مرحلة التأسيس للإنسان, فلا تكليف على الطفل، فعقله لم يكتمل، فيكون اعتماده المباشر لتفسير الأمور وكيفية التصرف معتمداً على الوالدين واللذان بدورهما يقومان بغرس كل القيم والمبادئ الإنسانية والدينية في الطفل، بالإضافة إلى تفسير المعلومات المكتسبة من البيئة الخارجية للطفل كالمدرسة والأصدقاء.

ينتقل الإنسان من مرحلة الطفولة لمرحلة الشباب ويتسع عالمه, وتزداد الكمية المعلوماتية التي يستقبلها عقله، فيكون مشوّشاً غير ثابتاً ويحاول جاهداً في تكوين شخصيته إلا أن عدم استطاعته للموازنة بين عقلة وعاطفته تحول بين ذلك.

ينتقل إلى مرحلة متقدمة من الشباب وهي بداية الاستقرار النفسي والعاطفي، فتبدأ ملامح شخصية الإنسان بظهور وتكوّن نتاج لما غرس في طفولته من قبل الوالدين بالإضافة إلى ما اكتسبه من المجتمع المحيط ويبدأ صراع أخر لا نهاية له.

يختلط الإنسان بعقول تتفاوت في مستوياتها، فيختلف معهم ويتشبث بثقافة عاش معها سنين، فيحاول فرض رأيه بأنه على صواب والآخر على خطأ، فكيف لنا معرفة الحقيقة!؟ ومن هو على صواب!!؟ ومن هنا يطرح السؤال:

كيف نعرف أن الحقيقة هي الحقيقة فعلاً!؟

في هذا الصدد نجد ديكارت يرفض تأسيس الحقيقة على الحواس، لأن الحواس في نظره تخدعنا وتقدّم لنا حقائق ظنية ينبغي تلافيها رغم أنه لا ينكر وجود العالم الحسي، إلا أنه لا يعتبره منطلقا مضمونا لاكتشاف الحقيقة، لأنها في نظره من شأن العقل وحده، وهو ما يقبله العقل تلقائيا دونما حاجة إلى برهان، فالحقيقة في الأصل ليست واقعا، بل أفكارا في العقل، ولمَّا كانت الحدود بين الصادق والكاذب من الأفكار ليست بّينة منذ البداية فإن الطريق إلى الحقيقة في نظر ديكارت هو الشك المنهجي.

الشك لا يتطلّب خروج العقل من ذاته إلى العالم الخارجي، بل يشترط فقط العودة إلى الذات لإعادة النظر -مسح الطاولة- في كل ما لديه من أفكار بواسطة الشك المنهجي، وعملية الشك تنتهي إلى أفكار لا تقبل الشك، ألا وهي الأفكار البسيطة الفطرية في العقل (البديهيات) وهي أساس اليقين، فليس ثمة حقيقة إلا إذا قامت على هذه المبادئ، والتي تُدرَك بواسطة الحدس العقلي، وانطلاقا منها يستنبط العقل بواسطة الاستدلال كل الحقائق المركبة والممكنة، فيظهر أن العقل هو مبدأ ومنتهى الحقيقة.

وبما أن العقل بفطريته والواقع بخصائصه وقوانينه الموضوعية يُصدِران معا عن أصل واحد (هو الله) فإن وحدة مصدرهما هي ضمان تطابقهما (الضمان الإلهي) وبذلك اعتقد ديكارت أنه قد حصّن الحقيقة داخل قلعة اليقين التام (العقل) ولم يعد هناك مجال للشك ما دام قد قطع الطريق نهائيا عن الحواس.

يقوم الصدق بكل بساطة في كل ما هو مفيد لفكرنا، والصائب في ما هو مفيد لسلوكنا، فعندما تُناقِش أحدهم استخدم أسلوب الشك المنهجي، امسح ما بعقلك من ثقافات، واتّبع فطرتك التي خلقك الله عليها، فالإنسان بطبيعته يحب الصدق ويحب الأمانة ويميل إليهما، ويحب الحياء والإيثار والتضحية والوفاء ويسعى إليها، ويحب العلم والجمال والكمال، وينزع نزوعا إلى عبادة الله والإخلاص له وذكره وشكره، ويتم كل ذلك في نفس الإنسان، من دون وجود عوامل خارجية، ولا يزيد دور العوامل الخارجية إلا على تأكيد ما أودعه الله في فطرة الإنسان... فكن فقط إنسانا..


بحرينية الهوية
@umhussain1

أمريكا تفصِّل .. والوفاق تلبس - بقلم الحر الموسوي

إن سياسة حاضر سيدي (يس سير) التي انتهجتها الجمعيات مع السفارة الأمريكية والبريطانية في البحرين هي التي أوصلتها إلى الجلوس المذل اليوم على طاولة الحوار في قصر العرين.

إن مشروع الجمعيات هو مشروع أمريكي بريطاني, وسعودي خليفي, تحصل بموجبه الجمعيات على مجموعة من الكراسي وبعض الامتيازات وكمشروع بديل عن إسقاط النظام الذي يطالب به شباب الثورة وائتلاف 14 فبراير, ويطالب به شعب البحرين.

إن مسيرة الجمعيات بدأت في 14 فبراير في القصر يباركون للطاغية ذكرى الميثاق, بينما كان الشباب في الشارع يعلن ثورة الغضب ضد آل خليفة.. وتنتهي اليوم في قصر العرين والشباب لا زال مرابطا في الساحات يهتف بإسقاط النظام ورحيل آل خليفة، فمن القصر وإلى القصر بعد عامين من الثورة تعكس بوضوح موقف الجمعيات من الثورة ودورها في مشروع السفير الأمريكي وفلتمن وبوسنر الذين كانوا يهندسون ويفصِّلون والجمعيات وعلى راسها الوفاق تلبس ما يفصِّلونه لها.

أكثر من عامين والجمعيات تتقمَّص دور الثورة وتتكلم باسمها وباسم الشعب, ولكن في الواقع الثورة وميادينها في مكان والجمعيات وميادينها في مكان آخر، وفي كل مرحلة حسّاسة تجد الشباب والثورة في ميادين المواجهة وساحات الجهاد, والجمعيات في ساحات القصور وقاعاتها الفارهة.

وفي رحلة الجمعيات من قصر الصافرية إلى قصر العرين كانت هناك محطات أخرى فارهة على مستوى 5 نجوم بين سفارات وفنادق وسفرات هنا وهناك، وحتى الحراك كان بمستوى 5 نجوم وربما أكثر من ذلك، ولم ينقصه سوى السجادة الحمراء. لقد حوّلوا الثورة إلى حفلة أو كرنفال 5 نجوم.

إن الثورة لا يمكن أن تكون ساحاتها قصور آل خليفة الفارهة ولا السفارات الأجنبية، ولا يمكن أن تكون بالكرنفالات المرخصة. الثورة لا يمكن أن تكون بترخيص من آل خليفة وبموافقتهم وتحت سيطرتهم ونفوذهم, لا يمكن أن تكون ثورة تفصَّل مطالبها في القصور, وتُقرَّ في السفارات, وتُبارَك في الرياض.

إن الشيء الذي لا تريد الجمعيات أن تدركه عن الأمريكان, إنهم لا يفصِّلون للشعوب إلا أكفانا, ولا يصنعون إلا توابيت ونعوش, وإنما تتصوَّر أن الامريكان سيقدِّمون لهم الديمقراطية والحرية على طبقٍ من ذهب, ربما كما في العراق هو أشبه ما يكون الركض خلف سراب.

لو كان للأمريكان والبريطانيين النية في إحداث تغيير جذري في البحرين لكان ذلك في التسعينات، ولكنهم فضّلوا إجراء تعديل شكلي لا يلامس جوهر الحكم لا من قريب ولا من بعيد في تشكيل برلمان صوري يحفظ لآل خليفة كامل صلاحياتهم واستئثارهم بالثروة والسلطة, أو كان ذلك في السبعينات وذلك بإعطاء البحارنة استقلالا كاملا وحقيقيا.

في السبعينات من القرن الماضي تمّ خداع البحارنة باستقلال منقوص ووهمي, لأن آل خليفة استعمار بالوكالة, بل هم دراع الاستعمار ونواطيره على النفط وكانوا بديلا للاستعمار المباشر, واكتفوا بوضع رجل واحد يدير أمن البلد وهو المجرم (إيان هندرسون).

أما اليوم فان سفيري بريطانيا وأمريكا هم المسؤولين عن أمن البحرين واستقرارها لضمان مصالحهما, وبعد اهتزاز الوضع الأمني جلبو جون يتس وجون تيموني ليقوما بدور إيان هندرسون في قمع حركة الشعب بحجة أشبه ما تكون نكتة وهي إصلاح جهاز الأمن الذي ازداد خرابا بعد مجيئهم, وزادت وتيرة عنف السلطة واستهتارها بالمنظمات واللجان الأممية, كما ازداد عدد سقوط الشهداء.

إن امريكا اليوم وفي كل يوم تقدِّم لنا الموت والاختناق على طبق من ذهب, وتقدِّم لنا الرصاص الحي ورصاص الشوزن بديلا عن الرصاص المطاطي الذي بدأ بالاختفاء تدريجيا بعد مجيء (الجونين) الأمريكي والبريطاني, وكان إصلاح جهاز الأمن يعني استبدال رصاص المطاطي برصاص الشوزن, وإنزال الجيش بلباس الشرطة في الشوارع.

لم نرَ ولم نسمع أن أمريكا دخلت بلدا وانتعش ديمقراطيا واقتصاديا، بل رأينا أشلاء أوطان تأنُّ من الخراب كأفغانستان والعراق وسوريا اليوم والسودان وغيرها.. تركتها أوطانا جريحة تنزف حتى الموت أو التقسيم.

أميركا لا تقدِّم الديمقراطية مجانا ولا على طبق من ذهب أو حديد, إنما قدّمت وتقدّم أكفانا بالمجان وموتا بالمجان وحروبا بالمجان وفِتَنا بالمجان.. إنها تقدّم أرواحنا فقط على طبق من ذهب, وتقدّم إذلالنا وسجننا وقتلنا على طبق من ذهب.

لم تتحوّل أمريكا إلى ملاك حارس ومنقذ إلا في مباني جمعيات الذل والاستسلام, وعند سياسي 5 ستار الذين أدمنوا ما تلقي لهم السلطة من فتات الوجاهة والسلطة التي جعلتهم يعيشون في حالة خدر مستعصية أفقدتهم الشعور والإحساس, ولا ترى إلا أعينا (مفنجلة) تتطلع إلى أماكنها فوق الكراسي.

اليوم تُتَداول الأنباء عن لقاءات سرية بين بعض الجمعيات ومتعب, وكأنهم لم يكتفوا أنهم مرّغوا أنوفهم في السفارة الأمريكية ولعقوا قذارة السياسة البريطانية, فأرادوا المزيد من القذارة, بل على حمام كامل من القذارة الوهابية السعودية.. إن السياسي مستعد أن يضع يده بيد الشيطان نفسه من أجل الحصول على بعض المراكز والكراسي.

إن الذين أكلوا الغوزي في السبعينات وباعونا بثمن بخس كما باع يوسف إخوته بثمن بخس دراهم معدودة.. ومن أكل الغوزي بالأمس واليوم في قصور آل خليفة وقصور آل سعود سيبيعونا بدراهم معدودة وكراس وأراضٍ و... إن من يبيع أهله بالكرسي أو الدينار مستعد أن يبيعهم بالمجان أو رضا للأمريكان, وهذا اللون من السياسيين يقدِّموا التنازل تلو التنازل حتى يقبلوا بفتات الفتات الذي يقدِّم لهم.. إذا كان أولاد الأنبياء يبيعون إخوتهم, فما الذي يمنع السياسيين من بيع إخوتهم ولحمهم ودمهم وهم ليسوا أبناء أنبياء, وليسوا قدِّيسين أو معصومين؟

في 2002 وقف الأستاذ غصّة في عملية البيع وأفشل المشروع الأمريكي ومن يقف معه في إنجاح البرلمان المخصي, وكان السفير الأمريكي يقوم بدور القوادة على مشروع البرلمان, وكان يروِّج ويحرِّض بعض الأطراف الشيعية لضمان نجاح المشروع الأمريكي ((إذا لم تدخلوا البرلمان سيسيطر عليه السلفيون وأصحاب اللحى)) وهي الحجة نفسها في الترويج لدخول البرلمان 2010.

في انتخابات 2006 كانت هناك غصة أخرى، ولكن لم يستطع سياسيوا المشروع الأمريكي انتظار 4 سنوات أخرى, فداسوا على تقرير البندر الذي كشف عن مؤامرة كبيرة على بني جلدتهم ولحمهم ودمهم كما يقولون, وشاركوا في البرلمان بضمان أمريكي في الحصول على 18 كرسي.. كان 18 كرسيا إغراء كبيرا سالت له عقول وأماتت له ضمائر.

وبعد 4 سنوات من الفشل في البرلمان عاد الوضع إلى 2002 وظهور غصّة المقاطعة وشبحها الذي حرمهم من 4 سنوات, فباعوا لحمهم من جديد, وتم اعتقال رموز المقاطعة لضمان نجاح الانتخابات بإخلاء الساحة للمشاركين، وشاركوا بالبرلمان ولحمهم ودمهم في السجن.

كنت أتمنى أنهم اكتفوا بذلك، بل أخذوا يتاجرون بلحمهم ودمهم وبالسجناء حين قالوا: إن النظام اعتقلهم لإفشال الانتخابات بدل رفضهم للمشاركة ولحمهم ودمهم كما يدّعون في السجن، فمن باع أهله في 2006, وباع أهله مرة ثانية في 2010 سيبيع لحمه في هذه الثورة، إذا لم يكن قد باع حقا، فبعد كل ما جرى ولا يزال يجري لا زالوا متمسكين بالمشروع الأمريكي, ولن يتركوه حتى آخر قطعة من لحمهم ودمهم وأعراضهم.

لم يتراجعوا خطوة إلى الوراء، لا بعد أول شهيد ولا بعد آخر شهيد، بل فضّلوا البقاء في القصر ودم حسين الجزيري ينزف, وفضّلوا إكمال الحوار وجثة محمود الجزيري في الثلاجة.

إذا استمر هؤلاء المتنفعين في صدارة المشهد السياسي, واستمر الناس في التطبيل إليهم, فعلينا أن نكون مستعدين للبس أكفان الذلة والمهانة التي فصّلها الأمريكان للجمعيات ولن نعي مرارتها إلا إذا عدنا إلى داخل عنق الزجاجة.. سنتمنى حينها لو كانت أكفانا للشهادة.

هكذا تفصِّل أمريكا الجمعيات (يس سير) والجمعيات تحاول أن تلبس الشعب عنوة مشاريع أمريكا في البحرين لاستمرار النظام الخليفي.. لا تنفع مع أمريكا اليوم سياسة (يس سير) لتحقيق المطالب وخصوصا في الخليج.. علينا أن نتعلم سياسة (طز سير) مع الأمريكان.. وإلا علينا أن نسبّح بحمدهم ونقدّس لهم ونقبل بما يفصلونه من سياسة ونلبس ما يخيطونه لنا من ذل ومهانة.

وهكذا أرادو تفصيل الثورة على مزاج الأمريكان, وهكذا عملوا على تغسيلنا وتكفيننا خطوة خطوة ليقيموا بعدها مقابر جماعية ويقيموا علينا مراسم الدفن في نظام مملكة دستورية خليفية.. معارضة الخمس نجوم ألبست الثورة كفن السلمية التخديرية, ثم ألبستها قميص الإصلاح, وكتّفتها بالوحدة والحوار, وهي تحاول جاهدة اليوم إتمام مراسيم الدفن وإهالة التراب على الثورة بالاستفتاء على نتائج الحوار.

بكل بساطة يتم تغسيلك وتكفينك ومن تم دفنك على الطريقة الأمريكية وعلى طريقة الخمس نجوم وأنت تضحك رافعا علامات النصر.. والفرق يبقى كما هو بين تجار السياسة والشعب حيث يبقون كما هم في القصور, ويبقى الشعب في القبور.
كل شيء في الطريقة الأمريكية.. أمريكي باستثناء المُغسِّل والمُغسَّل.. إن بين المغسل والمغسل والبائع والمبيع في البحرين كما كان مع نبي الله يوسف وإخوته وكيدهم وتآمرهم عليه حينما ألقوه في غيابة الجب وأنجاه الله, وحينما باعوه ليكون عبدا أصبح عزيزا..

سيسجد للثورة -كما سجد إخوة يوسف- كل من باعها وستخرج من جبّ الكيد والمؤامرات, ومن بيعة العبودية عزيزة منتصرة..

كل يوم يمر من عمر الثورة يكشف أقنعة النفاق والزيف.. وكل يوم يمر يؤكد أن بعض الجمعيات لا تملك سوى أن تقول لسيدها الأمريكي (يس سير), بل إن كل يوم يمر يكشف ويؤكد أن الأمريكان يفصِّلون والجمعيات والوفاق تلبس.

ودمتم بخير.


الحر الموسوي
@asmohd2