السبت، 19 يناير 2013

تذكّر خيارك الثالث - بقلم أبو حمزة البحراني


في عُرف العراك السياسي والميداني الخصم لا يلجأ إلى تخييرك إلا ووراء ذلك أمرٌ يصب في مصلحته، فحتى عندما تقع فريسة في يد عدوك وسط المعركة، ويُخيِّرك بين الموت بالسيف أو بالرمح، فاعلم بأن ذلك ليس عبثاً، بل هو ليرضي غروره الداخلي بإذلالك قبل قتلك وتوجيه رسائل لباقي أعدائه ليخافوا منه، وأما إذا خيَّرك بين الاستسلام والموت فالأمر لا يختلف كثيراً عن السابق أيضاً، إذ أنه قد رَكَزَ لك بين السلة والذلة، بين الموت بشرف أو الحياة الذل، حينها إما أن تكون حسيني المنهج وترفع وتطبِّق شعار "هيهات من الذلة"، أو أنك تبقى ذليلاً طوال حياتك تحت رحمة عدوك.

وعالم السياسة اليوم لا يختلف كثيراً عن الحرب في ميدان السيف والرمح قديماً، فالخصمان يحاول كل منهما أن يحاصر الآخر في زاوية ضيقة؛ ليستسلم له بما يُريد أو سيقضي عليه، فتجد المُحاصَر إذا رفض الاستسلام يلجأ للمناورات السياسية التي تُخلِّصه من ذلك الحصار ولو بشكل مؤقت، سواءً بقوة السلاح أو بالدهاء والحوار حسب ووِفْقَ ما تتطلّبه المصلحة وتقتضيه المرحلة.

وتلك هي معركة ثورة ١٤ فبراير مع النظام الخليفي، هي معركة سياسية بالدرجة الأولى، وما الحراك الميداني إلا سلاح للمعركة السياسية الكبرى مع هذا النظام، والتي هي بكل المقاييس معركة وجود بين الشعب البحريني الأصيل وبين نظام آل خليفة المستبدّ الذي خيَّر الشعب بين السلّة والذلّة ففشل، ولم يفده ذلك إلا خزياً وعاراً وهزائم سياسية نكراء في المحافل الدولية والمنظمات الحقوقية، مما سيجعله مضطراً في نهاية المطاف وبعد أن يحتكم عليه الحصار أن يراوغ ويناور بطرح خيارات جديدة تجاه الشعب تحت مسمى نتائج الحوار والتعديلات الجوهرية في بعض بنود الدستور وتشكيلة الحكومة التوافقية ومصلحة الوطن هي العليا.. إلخ، من هذه المصطلحات الفضفاضة، وحينها سيطرح خيارين وهما: إما القبول بهذه التعديلات التي قد تساوي 50% أو حتى 80% من المطالب، أو نعود للمربع الأول، مربع القتل والبطش والتنكيل بهم، وسيتصرف وكأنه هو المنتصر في المعركة، وهو من يفرض الشروط على الشعب، وسيعطيه بعض المطالب، وكأنه متصدِّق عليه بها!! وفي هذه المرحلة بالذات سيزيد اللغط بين الناس، بين مقتنع تحت عنوان "عصفور باليد"، وبين رافض لتلك النظرية، وهنا سنحتاج لوعي كبير من جماهير الشعب المضحِّي بالغالي والنفيس؛ ليعلم أن المنتصر سياسياً هو من يفرض شروطه، وليس المهزوم، والنظام الخليفي المستكبر الظالم لن يلجأ لهذا الطرح إلا وهو مهزوم ومحاصر في المعركة السياسية، وإن هناك أمور خلف الكواليس ستظهر وستقتلعه من جذوره، وهو يحاول بمثل هذه المناورات أن يخفيها أو يُبطل مفعولها مع الزمن.

وعليه يجب أن نعلم أيضاً أنه لا يوجد شي اسمه "خياران فقط"، ودائماً يوجد هناك خيار ثالث في عالم السياسة، بل وفي الحياة بشكل عام، وهذا الخيار هو الأمل بالله -عز وجل- وبعدله، ووعده بنصرة المستضعفين في الأرض، ونحن كشعب استُضعِف في الأرض وتكالبت عليه الدول والجيوش ووسائل الإعلام العالمية خيارنا الثالث هو إسقاط النظام الخليفي الظالم السفّاح، وعلينا أن نزداد يقيناً بأن النصر سيأتينا حتماً، وقد يأتي من حيث لا نحتسب لأنه من عند الله -عز وجل- (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) -الأنفال، الآية 30- فاصبروا وصابروا، والنصر صبر ساعة، وإنهم يرونه بعيداً ونراه قريباً، قل إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب، فلا تيأسوا ولا تُسلِّموا لخياراتهم الكاذبة، بل أنتم أيها الشعب المظلوم المنتصر بإذن الله -عز وجل- من يجب أن يفرض شروطه ويحدِّد مصيره ومصير الأجيال القادمة التي ستتحمَّل نتائج مواقفنا اليوم، فلا تفرضوا بنصركم التاريخي القادم باستعجالكم للنصر.

أبو حمزة البحراني
@AboHamzah_BH

مدونتي
http://abohamzahbh.blogspot.com/?m=1
مقالات:
abohamzahbh.blogspot.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق