السبت، 26 يناير 2013

بين الرسمية واللارسمية حوار - بقلم حقي كإنسان




الجمعيات السياسية تتحفنا دائما بعد الـ"لا تراجع" بقبول "حوار" مع النظام، والذي تطرحه كـ"آلية عمل" تراها، وهذا لا إشكال فيه في نفسه، ولكن تداخل بعض المصطلحات والتي تقولها الجمعيات تجعل آلية عملها غير مقبولة عند الكثيرين:

1- الشعب مصدر السلطات: هذه هي العبارة الأساسية التي تقولها الجمعيات السياسية، ولكنهم في الحقيقة يرون أن الشعب مصدر السلطات جميعا "في بعض الأمور"!! فما نراه أن الشعب عندهم مصدر السلطات في قرار المملكة الدستورية دون إسقاطها، وفي التصويت على نتائج الحوار دون التصويت على أصل دخوله، وفي التظاهر السلمي دون الكتابة على الجدران والهتاف بـ"يسقط حمد"، وهكذا.

الشعب عند الجمعيات السياسية هم مصدر السلطات جميعا في خيار المملكة الدستورية فقط، ولكنهم يتكلمون وكأن الشعب عندهم مصدر السلطات مطلقا، وهو لعب بالمصطلح.

2- المملكة الدستورية: "غالبية الشعب تريد المملكة الدستورية".."نريد ملكية دستورية يحكمها آل خليفة ويكون حمد ملكا عليها".. عبارات تقولها الجمعيات السياسية عموما، وهنا يأتينا سؤالان مهمان:

أ- من يريد ملكية دستورية يحكمها آل خليفة ويكون حمد ملكا عليها؟ أهي الجمعيات؟ أم الشعب؟ أم كلاهما؟
ب- كيف أتى تقييم أن الأغلبية تريد الملكية، لا إزالة ملك البلاد؟

الجواب: شعار "يسقط حمد" هو الشعار الرئيسي في المسيرات المرخصة وغير المرخصة قبل منع الشيخ علي سلمان له في فعاليات الجمعيات، وللعلم فمنعه هو نوع من التضييق على الآخرين في حرية التعبير كما ورد في المواثيق الدولية كما بيّنّا سابقا.. واضح جدا ما يريده الأغلبية في المسيرات المرخصة قبل الإسكات، وأما عن سؤال التقييم فسنجيب عليه في النقطة التالية.

3- تناقضات "الرسمية": تقول الجمعيات السياسية: الشعب صوّت لجمعية الوفاق في سنة كذا للبرلمان بنسبة كذا (النسبة الأكبر).. الشعب صوّت في سنة كذا بنسبة كذا لميثاق العمل الوطني (النسبة الأكبر).. الوفاق حصلت على أكثر الأصوات في سنة كذا في ظرف كذا.. إلخ..

هذه العبارات وشبيهاتها مما يتم نقله ونشره من قِبَلِ الجمعيات تعبِّر عن أهمية تصويت الأغلبية عندها لأمر ما، والذي منها قبول الأغلبية بالجمعيات والميثاق، وهنا يأتي تساؤل:

عندما يقول الناس بأنهم لا يريدون هذا النظام (يسقط حمد.. الشعب يريد إسقاط النظام)، ولا يريدون هذا الميثاق، فلماذا يتم تقديم التصويت السابق (الرسمي) على التصويت الحالي (غير الرسمي)؟ ألِمجرد أن الأول (رسمي) والثاني (غير رسمي)؟

الجواب: إذا كان مطلب الناس يهم الجمعيات، وأنهم يرون أنفسهم يتكلمون باسمهم، فعليهم بالاستفتاء كما يفعلون عادة، ففي التصويت للمجلس البلدي مثلا كانت هناك كوادر للوفاق تسأل كل من يخرج من مركز التصويت: (لمن صوَّت؟)، وعندما سألوني تعجبت من سؤالهم وقلت لهم: (لماذا أقول اسم من صوّت له؟!)، فقالوا لي: (إننا نريد فقط أن نرصد نتيجة تقريبية للانتخابات)، فرفضت قول اسم من صوّتُّ له مع إلحاحهم الشديد والطريقة التي لم أقبلها في الإلحاح. المهم والذي أريد أن أقوله: الجمعيات السياسية وخصوصا الوفاق لديها كوادر تستطيع عن طريقها أن تحصد نتيجة تقريبية -على الأقل- لمطلب الشعب الأساسي اليوم، ونتيجة تقريبية لنسبة مريدي ورافضي الميثاق اليوم، ونتيجة تقريبية لرأي الشعب عن أصل الحوار مع النظام اليوم، بدل الأخذ باستفتاءات قديمة، فالناس التي ثارت في 2011 هم جيل مختلف وله رأي -المدة الزمنية من آخر ثورة وهذه الثورة أكثر من عشر سنوات- لا أن تقول بأن الشعب استفتى في سنوات سابقة بنسب كذا وكذا وتترك رأيها اليوم والذي يعتبر هو الاستفتاء الذي يجب أن يؤخذ به، وإلا فسيكون الشعب في السنوات السابقة مصدر السلطات جميعا، لا شعب اليوم!

هناك نظام وهناك شعب.. لا يمكن لشعب كامل أن يحاور نظاما كاملا، ولذا يجب أن تكون هناك محاورات بين أطراف من رؤوس النظام وأطراف من رؤوس المعارضة.. ولكن.. يجب أن يكون ممثِّل الشعب مخوَّلا من قِبَلِه.. فأين التخويل الرسمي يا مريدي الرسمية؟


حقي كإنسان

@eHAQYe

26-01-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق