السبت، 9 فبراير 2013

قليل من الخجل قبل أن نطلب النصر... - بقلم بحرينية الهوية




نشرت الصحف المحلية منذ عدة أيام قضية حدثت في إحدى القرى وأثارت استنكار الكثير، وكما نُشِر في جريدة أخبار الخليج يقول الخبر: ((حكمت المحكمة الصغرى الجنائية، بتغريم آسيوي دينارا واحدا، بتهمة الشروع في سرقة 3 كنارات سقطت على الأرض من شجرة، وجاء الحكم بعد أن قضى المتهم 22 يوما في الحبس الاحتياطي على ذمة هذه القضية، حيث رفض صاحب المزرعة التنازل عن الدعوى، رغم تأكيد المتهم أنه التقط الكنارات لأكلها لأنه كان جائعا ولا يملك دينارا في جيبه.

أمام النيابة قال المتهم أنه حضر إلى البحرين منذ 25 يوما فقط، قضاها كلها في البحر، حيث يعمل صيادا على أحد المراكب، ولم يكن قد تسلَّم حتى يوم الواقعة راتبه، وخرج في هذا اليوم مع 3 من أصدقائه وكان جائعا ولم يكن معه أي مال يشتري به طعاما، وأثناء مرورهم بجوار مزرعة ليس لها سور، شاهد أحد أصدقائه 3 حبات كنار على الأرض، فتقاسموها لأنهم جميعا كانوا جائعين، وعندما بدأ صاحب المزرعة في مطاردتهم هربوا وأكلوا الكنارات الثلاثة.

النيابة وجهت إلى المتهم تهمة الشروع في السرقة وأمرت بحبسه أسبوعا على ذمة التحقيق، وتم التجديد له مدة 15 يوما أخرى حتى مَثُلَ أمام المحكمة (!!)

رفض صاحب المزرعة التنازل عن القضية، وسألت المحكمة المتهم عن ديانته، فأجاب بأنه هندوسي، وأخبرته المحكمة بأن الدين الإسلامي يجيز للجائع أن يأكل مما على الشجر بشرط استئذان صاحبه)). انتهى

عنوان المقال الذي طرح القضية هو (غرامة دينار واحد للص جائع).. كان المفترض من كاتب المقال أن يعنون المقال بـ(أين الإنسانية؟).. إنسان غريب عن البلد.. مغترب عن أحبته وأهله.. جائع.. مرَّ على مزرعة فوجد 3 حبات من الثمار ملقاة على الأرض، فأخذها وأكلها ليسدَّ جوعه.. يراهُ أخونا المسلم صاحب المزرعة فيلاحقه, فيُسجَنُ بسببه هذا الغريب الجائع مدة 22 يوم، بل ولم يتنازل هذا المسلم عن القضية وغرَّمه دينارا واحداً!!! بل ويقول له القاضي معلماً إياه تعاليم ديننا الحنيف فيقول أن ديننا الإسلامي يجيز للجائع أن يأكل مما على الشجر بشرط استئذان صاحبه.

وأنا أقول: قال رسولنا الأكرم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام: ((إنَّما بُعِثْتُ لأتمِّمَ مكارمَ الأخلاقِ))...
الأخلاق هي أساس كل الديانات، فلو رجعنا من زمن أبينا آدم (ع) ومروراً بجميع الأنبياء فإننا سنلاحظ أن كل رسالة سماوية تتطور عن سابقتها بتطوُّر البشرية واحتياجها، حتى جاء رسولنا الأكرم برسالته الإسلامية ليتمِّم المشروع الأخلاقي ويحقِّق أعلى مستوى من مكارم الأخلاق عند البشرية، وقد لاقى ما لاقاه من أذى في سبيل تحقيق هذه المهمة السماوية حتى قال: ((ما أُوذي نبيٌ مثلما أُوذيت))، وما كل ذلك إلا تكريما له لإنسانية الإنسان التي كرَّمه الله بها ((ولقد كرَّمنا بني آدم))... بإنسانيته التي تنبع منها أخلاقنا الحميدة والتي من المفترض أن تكون مَلَكَاتٍ بأنفسنا لو كنّا مسلمين كما أرادنا الرسول الكريم، لنكون مثالاً ومنبعا للأخلاق الكريمة ولمجتمعاتنا المسلمة كما كان هو منبعاً للبشرية لتُنشَرُ هذه الأخلاق، والذي هو أساسها ومتمِّمها (ص).

أينك يا صاحب المزرعة من الكرم؟ أينك من الحلم والتسامح؟ أينك من "العفو عند المقدرة"؟ أينك عن كل الصفات التي تأذَّى لأجلها رسولنا الكريم!!؟ أفي دهاليز قلبك الغافل قتلتها!!؟ ما المَلَكَات التي لديك وجعلتك تُقدِمُ على هذا العمل لتؤذي الرسول (ص) وتكون مثالاً آخر يُنشَرُ ليقتل مبادئ الدعوة الإسلامية وأساسياتها.. وماذا كسبت!؟ لا شي!!! سوى حفنة نقود, (دينار) ولا أعلم إن كنت استلمته أم سُرِقَ منك أيضاً.

أحَسِبْتَه انتصاراً بسجنك للرجل!؟ بل هزمتك النفس الأمّارة بالسوء، فقد عوَّضه الله بسدِّ جوعه لمدة 22 يوم وهي مدة سجنه... وكما نبذتك قلوب إخوة لك في الدين، فهي نفسها القلوب دعت له بالفرج والخير وتعطَّفوا عليه لأنه أخ لها في الإنسانية..

لقد كان مثالا من أمثلة كثيرة انتشرت للأسف في مجمعاتنا, أين أخلاق رسول الله (ص)عنا!!؟ أين هي أخلاقنا!!؟ لماذا تغيرت!!

أحيوا إنسانيتكم بأخلاقكم الحميدة, هي ليست ضعفاً كما يدَّعي من يريد أن يشوِّه ثقافتنا بثقافتهم الوثنية، بل هي عودة لإنسانيتنا التي فقدناها لتدنِّي أخلاقنا الحميدة.

فلنكن كما أراد لنا الله أن نكون عندما قال: ((وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ )(الإسراء: آية 70)

إن لم نتراحم ويلطف بعضنا ببعض, فكيف نطلب الرحمة واللطف من الله!؟


بحرينية الهوية
@Umhussain1

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق