السبت، 9 فبراير 2013

الملكية: خلاف، أم اختلاف؟ - بقلم العين الواعية




يلقي المقال نقاطا يسيرة في المحاور التالية:

أ- الملكية خلاف أم اختلاف؟

ب- لماذا لا يشارك المختلفون في مسيرات المؤيدين؟ تعصّب أم قناعة؟


هنالك إيرادات على هذه التساؤلات، منها أن المشاركين في الفعاليات المؤيِّدة للملكية يستدّلون بالتالي:

1- طلب الإخطارات هو لتنظيم الفعاليات ولتحدث المشاركة الحاشدة، فالإخطار هدفه التنظيم لا طلب الإذن، وهو إجراء كأي معاملة حكومية واجبة.

2- للحفاظ على زخم الثورة وحضورها لابد من ظهور "حجم المعارضة الفعلي الحاشد" كما في مسيرات الجمعيات، لتتحوَّل البحرين لملكية دستورية كما في أوروبا.

3- أغلب دول الاتحاد الأوروبي هي ملكيات دستورية وليست جمهوريات.

4- نستطيع أن نؤجل خلافاتنا بعد أن نصل إلى المرحلة النهائية، وهي حسم نتيجة ما نختلف عليه عبر صناديق الاقتراع، حيث أن الجميع يطالب بالاستفتاء المستقل.

ولكن في الطرف المقابل نجد أن المختلفين عن تأييد هذه الفعاليات لديهم أدلة أخرى، منها:

1- الملكية هل هي خلاف أم اختلاف؟

الجواب: بالطبع هي اختلاف في الأفكار حدث بسببها اختلاف في الفعل، وظهر ذلك في عدم حضور الآخر من بعض الطرفين للفعاليات... منشأ الاختلاف طبيعي وصحي، أما الخلاف فقاتل للمجتمع، فلابد من التوحُّد ونبذ الفرقة بأن يتفهم الآخر للآخر، وليس التوحّد تغيير القناعة، فإن القناعة نشأت لاختلاف الأفكار، والخلافات نشأت للتعصب للقناعات، ولكن عزوف الآخر عن حضور فعاليات الآخر هل هي قناعة أم تعصب؟ له حالات: فأحيانا تكون لديك فكرة اقتنعت بها ثم تعصّبت لها، فيقودك هذا التعصّب لمحاربة الأفكار الأخرى المقنعة، وهذا لأنك متعصِّب بفكرتك لا لأنك مقتنع بها! وبهذا يأتي هذا التساؤل: هل محاولة إقناع الآخر بفكرتك تعتبر من التعصّب أم من القناعة؟... المهم أن المتعصِّب الآخر سينظر لها كتعصُّب، وسينظر لأسلوبك لا فكرتك!

2- هل يمكن تأجيل الاختلاف أو الخلافات؟

الجواب: بالطبع لا يمكن ذلك، لأنك تعيش الاختلاف وتعاني من الخلافات، ولو أمكن ذلك فما الطريق؟ الاستفتاء؟! أي استفتاء؟ الاستفتاء على صحة الأفكار أم على التعايش مع الاختلافات الناشئ من تنوّع الأفكار؟... طبعا الاستفتاء ليس مجاله صحّة الفكرة، بل الإقناع، الاستفتاء له دور في تهدئة حدّة الخلافات، ولكنه ما يلبث أن ينتهي وتظهر الاختلافات بحدّة، ويبرِّر الآخر صحة فكرته بالاستفتاء.

الاختلافات لا يمكن توحيدها من خلال الاستفتاء، بل بالقناعات المبرهنة، وأما الخلافات فلا عذر لأحد، سواء كانت الأفكار هزيلة أم قوية.

يمكن تبرير الاختلافات من منشأ تنوُّع المصادر وتفاوت القدرات، أما تبرير الخلاف فلا يمكن برهنته عقلا، بل بالأهواء فقط، لذا فلنتفق على ما تم تأصيله سلفا ونرد على النقطة (أ) السابقة، وهذا الرد كما قلنا هو من باب الاختلاف لا الخلاف:

- "الإخطارات للتنظيم، للمشاركةالحاشدة، معاملة حكومية واجبة"، والجواب:

المقاطعة هو من باب محاربة إجراءت الحكومة الدكتاتورية، وليس خوف الكثرة... مقاطعة البعض -متعصِّب أو مقتنع- ناتج من باب "كيف تحارب حكومة دكتاتورية وتطلب منها اتخاذ إجراء واجب؟! إذن تعترف ضمنا بها!"... مقاطعة الآخر ناشئ من باب أن المشاركة في تلك الفعالية يلغي الهدف الأولوي، فهو من باب تزاحم الأولويات، فدعم الحرية عام والجمهورية خاص.

يرى البعض أن المشاركة في هدف يناقض الهدف الأسمى له يعني تخلّيه عن هدفه، بل هو إعطاء برهان على بطلان ما يراه، فكيف له أن يدعم ما يؤخِّر هدفه؟! إن مقاطعة فعالية من البعض ناشئ من اتخاذهم قرارا أن عدم مقاطعتها نقيض، فهما ضدان لا يجتمعان، وهذا ليس تنوعا فكريا أساسا.

- للحفاظ على زخم الثورة وحضورها لابد من "حجم المعارضة الفعلي الحاشد"، والجواب:

ولهذا السبب يمتنع البعض، حيث أن الآخر يثبت صحة فكره بحجمه!... فهذا الآخر يرى بأنه عندما تجتمع الكثرة ففكرها هو الصحيح، والقلة لديه تعني هزالة الفكرة وفشل الكثرة! مع أن السمو هو في الهدف لا الرقم!

إن فكرة أن "اجتماع الكثرة هدفها بيان الكثرة، لا صحة الفكرة" يجعل البعض يرون أنه بما أن منطق الكثرة أسلوب دال على صحة الفكرة، فإنهم سيقاطعون الفعاليات التي تخالف خطهم كي لا ينتج عن هذه الكثرة خطأ فكرتهم! إذن من يقاطع فعالية هنا أو هناك له كامل الحق في ذلك إذا كان مبرِّره مقاطعة مبدأ الكثرة المستخدم كمغالطة على بيان الوحدة والصحة للمشروع والهدف، فالخلاف ناشئ من هوى لدى الآخر، حيث أنك حينما تقاطع فعاليته تارة تنقص من حجمه! وتارة تنقض فكرته!

- "أغلب دول الاتحاد الاوروبي ملكيات دستورية وليست جمهوريات"، والجواب:

الاستدلال بهذه المعلومة يصب في أي خانة؟ الملكية أم خطأ الجمهورية؟ أسلفت مسبقا أن النظر للكثرة أسّس إلى ظهور مغالطة صحة الفكرة، ولهذا عندما يقول البعض أن أوروبا أكثرها ملكيات يريد المغالطة بصحة فكرته.

إذا اعتبرنا مبدأ التحشيد كمبدأ للتوحّد فلن يكون ذلك أصلا فرصة للتوحّد، لأنه لم يحدث ذلك بالتاريخ مطلقا، وأيضا إذا اعتبرنا الكثرة صحة من باب النقض فإن أغلب الدول بالعالم دكتاتورية وليس ديموقراطية، إذن لنطالب بالدكتاتورية! لهذا المنطق الأهوائي المغالطي هو المنتصر!

- "نستطيع أن نؤجِّل خلافاتنا.. عبر صناديق الاقتراع.. بالاستفتاء المستقل." والجواب:

لو كان ذلك ممكنا لحدث ذلك! بل الاستفتاء هو سبب الخلاف، فهو سيطلق بركان الاختلافات لاستفتاء الناس فيما لم يطالبوا به! مثلا تريد ماء فيتم التحاور واستفتاؤك: "هل تريد خمرا؟"!

إذن أصل الاستفتاء مشكلة المشاكل، لأن بنود الاستفتاء جرت عبر مشكلة مختلف فيها، وهي الحوار الذي لم يورد بند الجمهورية ولاالملكية!

متى يكون الاستفتاء موحدا ومنتجا قاضيا على الاختلافات والخلافات؟ لا يوجد استفتاء بهذا الشكل إلا في قوم كلهم يريدون الشيء ذاته.

يمكن الدخول في مفاوضات وحوار ينتج استفتاء على "ماذا يريد البحرينيون؟" كي ينتج من ذلك بنودا ثلاثة: جمهورية وملكية وخليفية، لا أن يكون بندا واحدا وهو أن تكون "خليفية"!!!

البحرين هي جمهورية ملكية خليفية، والسبب في فشلها أنها ضمّت الثلاثة في الحكم: فهناك جمهور خليفي، وملك، خليفي وخليفة خليفي! ثلاثة في واحد = واحد؟ خليفة!!


العين الواعية

@eyealwaye
03-02-2013


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق