السبت، 12 يناير 2013

محاولات خنق ثائر.. - بقلم بو زينب




عندما نعود بالزمن قليلاً للوراء، تحديداً أكثر إلى فترة ما قبل إقامة سباق الفورملا 1. هذه الفترة التي شهدت تحركات ميدانية قوية كـ فعاليات الكرامة"طوق الكرامة، بنك الكرامة، فكِّر نفِّذ كرِّر" وفعاليات كـ"احتلال شارع البديع، قبضة الثائرين، حداد السماء" وما عداه من مواجهات ليلية وقطع مفاجىء للشوارع العامة، وصولاً أيضاً لمحاولات العودة لدوار اللؤلؤة في شهر فبراير.. هذه التحرّكات كانت تحقّق كما يحلو لصاحبي تسميتها "موازنة قوى" حقيقية بين مرتزقة النظام وثوار البلدات. استطعنا خلال هذه الفترة إرهاق النظام على المستوى الإعلامي والاقتصادي وبالأخص الميداني.. التحركات المفاجئة والمتتابعة للثوار أصبحت لا تُحتَمل، حماسة تطبيق السحق تحت راية الدفاع المقدس غدت مُكلِفة، المشاركة الشبابية في تزايد أكثر وسباق الفورملا 1 يقترب أكثر!

الحل لأجهزة الأمن والمخابرات كان بتشديد القبضة الأمنية بنشر العسكر واستخدام المدرّعات والتسلّح أكثر بسلاح رصاص الشوزن، أيضاً بتكثيف المداهمات واستهداف القادة الميدانيين الفاعلين في مختلف بلدات البحرين. البعض سمى تلك الفترة بـ"حالة طوارىء" غير معلنة للنظام; بالفعل رأينا كيف نزلت المرتزقة بحماس وهي تستهدف الشباب بصفائحها المدرّعة وبرصاص الشوزن.
بعد ذلك بفترة قليلة بدأت الخطوة الأهم للنظام "استهداف القادة الميدانيين"، و قد عرفت اختيار الوقت المناسب من خلال تجزيء ضربات المداهمات والاعتقالات بين فترة وأخرى، ولم تكن قائمة المطلوبين بقضايا التفجير من فراغ.

الاعتقالات ازدادت ولم تكترث بفارق الأعمار، سواء الصغيرة منها أو الكهل فيها، سواء كان المعتقل رجلاً أم امرأة.. بالفعل اكتضّت السجون بالشرفاء، واستطاعت أجهزة أمن الدولة حصد غلّة كبيرة من القادة الميدانيين الذين لا زالوا يعانون من عذابات غرف التحقيقات المظلمة. نجح ذلك نسبياً في تراجع قوة الشارع الميدانية، أصبحت المواجهات خطرة واحتمالية الاعتقال أكبر وأكبر، وفوق كل ذلك اعتقال القادة الميدانيين قد أدى لتراجع معنويات كثير من الشباب.

استمرت عملية محاصرة المناطق ومداهمات خفافيش الظلام لبيوت الآمنين وترويع الأهالي، وكثّفت استخباراتها لكشف مواقع المطلوبين. أجهزة أمن الدولة والمخابرات اعتقلت مجموعة كبيرة من الشباب، من جهة أخرى استطاعت خنق بعض القادة الميدانين من خلال بثّ خطر شبح الاعتقال فيهم، مما أدى لانعدام فعاليتهم الميدانية في بلداتهم، وهذا ما كانت تهدف للوصول إليه. الأمر كان أشبه بتغيير مفاجىء في سياسة التعامل مع المرتزقة وأجهزة النظام، فكان التراجع أمرا طبيعيا ومتوقعا بالأخذ بالاعتبار إمكانيات الشباب الأعزل البسيطة وعدده القليل.

الجدير بالذكر أن السياسة الذي يتّبعها النظام لا زالت موجودة في استهداف المطلوبين، والتي قد يكون أخطرها ما جرى في بلدة بني جمرة في بداية ديسمبر وتشديد حصار المناطق، كما أن هناك بعض الحركات التصعيدية من قِبَلِ النظام والتي أخذت زخما إعلاميا أكبر كاعتقال شخصيات بارزة كالحقوقي نبيل رجب ومنع تراخيص التجمعات للجمعيات ذات السقف الأدنى وسحب جنسيات بعض المعارضين بالخارج، مع الأخذ بالاعتبار الإطالة في مدة الحبس الاحتياطي لمعتقلي التجمهر البسيطة.

على الرغم من كل ذلك، يشهد الشارع اليوم انتعاشا ملحوظا في المواجهات وعمليات قطع الشوارع الرئيسية التي لا تتوقف.. الشباب الثوري يتكيّف مع الوضع! لا زال يقاوم! لا زال يجابه! إنه لا يستسلم، لا يتعب، لا يتوقف! اعتقال القيادات الميدانية خلق قيادات أخرى. الأمر أشبه بدوّامة لا تستطيع أجهزة الدولة احتوائها.. إنهم يفقدون السيطرة مرة أخرى في الوقت التي يفترض بهم أن يسيطروا على الشارع بأكمله.

في النهاية،، لا زلنا نتطلّع لفعاليات زخم أكبر.. لا زلنا نتطلّع إلى أن يشتعل الشارع أكثر خلال الأشهر المقبلة.. لا زلنا نتمنى من باقي القيادات الميدانية أن تتجاوز شبح الخوف وأن تتابع عملها الميداني بقوة.


بو زينب

@AbuZainab_7

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق