الأحد، 3 مارس 2013

النجم الساطع - بقلم بحرينية الهوية

 
من بين آلاف الناس، وقفت امرأة توزّع صورا لنجم سطع نوره بالأمس، فأحاطها الجميع يتسابقون للحصول على صورة له علهن يستمددن القليل من نوره المشع ليضيء لهم وحشة الطريق... ذهبتُ مسرعة لأطلب صورة لنفسي، فكم أعشق النجوم الساطعة...

أخذت الصورة، نظرت لها، تأملت لجمال هذا النجم, جماله ساحر، ونوره المنبعث قوي وساطع، ولكنه نجم غريب، فما إن تنظر إليه تشعر بأنك تتجرّع حسرات... دُهِشت لهذا الشعور! فكيف لنجم بهذا الجمال أن يبعث النفس على التحسر، أليس من المفترض أنه يبعث السعادة والتفاؤل!!؟

رجعت للمرأة علني أفهم علة هذا الشعور... رأيتها جالسة على عتبة بابها، جلست بقربها ولم تعرني اهتماما، فنظرها كان موجّها ومشدودا لنعشٍ يحمله الآلاف من المشيّعين، فقالت ودموعها تجري بغزارة: الحياة كالإنسان لها وجهان: وجه ضاحك ووجه عابس، فعندما تتيسر أمور حياتك وتتهيأ الظروف بما تشتهي نفسك تكون قد ضحكت لك, وإن تعسّرت أمورك وتلخبطت ظروفك ووقف كل شي ضدك فالحياة عابسة في وجهك... وتباً لها من حياة، كم كانت قاسية على هذا الشاب المحمول بالنعش، قسوة تجعل الحجر يتفتت...

شدّني حديثها، فأكملت:
ولدي محمد مريض بمرض فقر الدم المنجلي، مرض يسبب آلاما مبرحة لم تفارق جسمه المنحول، قضى حياته بين البيت والمستشفى، بل قضى معظم أيامه على سرير المرض... وأقسام السلمانية تشهد، فمن قسم الأطفال إلى قسم البالغين إلى قسم الرجال، نعم، لقد كبر هذا الشاب وأراد أن يكمل نصف دينه، فتزوج وكم كان فرحا معتقداً أن الدنيا قد ضحكت له أخيرا بعد معاناة لمدة 20 عاماً، ولم يكن يعلم بأنها ستكشّر له عن أنيابها بعد شهر واحد فقط من زواجه ليعتقله جيش النظام الخليفي والسعودي من المستشفى وهو سرير المرض ليتهمه لاحقاً ويحكم عليه بسبع سنوات، ويا ليته أكملها...

تبكي بحرقة، وتزفر بآهات من صدرها كاد لهيبها أن يحرقني لشدة حرارته, أمسكت يدها في محاولة لمشاركتها الألم، نظرت إلي وأكملت حديثها بشجون: وكأن القدر أراد لهذا النجم أن يورث نوره فلا يختفي من على الأرض، فرزقه الله بـ"منتظر"، ولدٌ لم يضعه في حضنه إلا مرة واحدة... وبقى بسجن وهو نحيل ضعيف يحتاج لعناية خاصة، فتمنع العصابة المجرمة عنه الدواء, فقلوبهم لا تفرّق بين ضعيف وقوي، سليم ومريض، قلوبهم لا تعرف معنىً للرحمة، تجرع كل أنواع الظلم والحسرات، فيشاء الله لهذا النّجم أن يرتفع له ويشع نوره.

سطع نجم الشهيد محمد مشيمع، وبنوره الساطع القوي عرفه الناس فتسارعوا بالأمس ليستمدّوا من نوره ويتعلموا كيف سطع ولماذا كرّمه الله وأعطاه جائزة الشهادة فسطع نوره وغطّى الكون بعد أن كان مخفيًّا طيلة فترة حياته...

سطع نجم الشهيد محمد مشيمع عالياً بعد كل المصائب التي امتحنه الله بها فنجح بل تفوق بإيمانه وقوة صبره وقناعته بأن كل ما يأتي من الله هو خير...

شهيدنا كم عانيت وكم تحمّلت وكم ظلمت وصبرت... آه كم ظلمت... فهنيئاً لك الشهادة مكافأة لكل المعاناة التي عشتها فانبعث حسرات مع نورك الساطع... فزت والله... هنيئاً لك...

بحرينية الهوية
@Umhussain1


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق