لحظة
واحدة لا يدركها الإنسان، لحظةٌ تفتَّحت فيها أبواب الجنان لشهيدنا ذو الستة عشر عاما...
فرأى منزلا بين الخضرة والأنهار, تلاشت كل صور القمع والسلاح والخراب، وبقيت صورة واحدة
لبابٍ تشع منه أنوار وأصوات عذبة تناديه: (هلمَّ إلينا حسين إننا ننتظرك), تقدَّم يتقدَّمه
الإيمان وخطا وخطوته للرحمن...
طلقة
واحدة, ألم واحد وانفصلت الروح عن الجسد الفاني، وحلَّقت لترى منبع الأنوار وماذا وراء
الباب, حلَّقت لا يوقفها شيء، خفيفة كالريشة، سريعة مشعة كالبرق الخاطف, ووصلت لذلك
الباب...
توقَّفَ
حسين مبهورا بكل ذلك النور الساطع... وكأن الشمس مختبئة خلف الباب... تقدَّم خطوة وانحنى
يسترق النظر, فإذا به يرى بداح, صقر, بوحميد, إنه الأب عبد الحسن, خضير، فخراوي، الحجيري،
صلاح, المؤمن, يوسف الشملاوي والعليوات، إنها بهية العرادي تحمل الرضيعة ساجدة، وقف
على أطراف أصابعه رافعاً حاجبيه ليرى من لم يستطع رؤيتهم، يميل تارة يميناً وتارة شمالاً
ليراهم... إنهم شهداؤنا جميعاً...
(فِي
سِدْرٍ مَّخْضُودٍ (28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ (29) وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ (30) وَمَاء مَّسْكُوبٍ
(31) وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لّا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ (33) وَفُرُشٍ مَّرْفُوعَةٍ
(34))
وقف
مبهوراً يحادث نفسه,أين إنا!!؟
فجاءه
النداء...
(ولا
تَحْسَبَنَّ الذين قُتلوا في سبيلِ اللهِ أمواتًا بلْ أحياءٌ عِندَ ربهمْ يُرزقُونَ
. فَرِحِينَ بما آتاهمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ويَسْتَبْشِرُونَ بالذينَ لم يَلْحَقُوا
بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عليهم ولا هُمْ يَحْزَنُونَ . يَسْتَبْشِرُونَ
بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وفَضْلٍ وأنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ المُؤْمِنِينَ)...
موكب
الشهداء مستمر ينتظر...
(مِنَ
المُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى
نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)
فمتى
نتخلَّص من أغلال الأنا فنتحرَّر من كل ما يربطنا بهذه الدنيا الفانية فنستشعر الروح
التضحوية التي بإمكانها أن تضحّي بكل ما تملك في سبيل الله وخدمة الآخرين وتمتلك عطاء
بلا حدود...
متى
نطبِّق حديث إمامنا أمير المؤمنين عليه السلام: ((موتوا قبل أن تموتوا))...
موتوا
في حياتكم بترك مغريات الدنيا والعمل في سبيل الله بروح إنسانية متحرِّرة من كل الأغلال،
إلا من الإيمان ليَهَبَ لكم الله الحياة الحقيقية الأبدية.
(والذينَ
جاهدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإنَّ اللهَ لَمَعَ المُحْسِنِينَ).
وأين
السبيل!!؟
شهداؤنا
عرفوا الدرب الصحيح... درب القرآن وأهل بيت النبي عليهم أفضل الصلاة والسلام
الثقلان
هما الأمان من الضياع... هما النور المشع... هما سفينة النجاة بين كل هذه الأمواج الهائجة
التي نصارعها... فأيننا عن الثقلين!!؟
بحرينية
الهوية
@Umhussain1