الأمريكان
يختارون المتعطِّشين للسلطة والباحثين عن الوجاهة لاستحمارهم تماما كما استحمروا تنظيم
القاعدة, واستحمروا الإخوان في مصر, واستحمروا آخرين في جميع دول العالم, أحيانا تضطرهم
الظروف لاستبدال حمار مكان آخر يؤدي المهمة نفسها.
الحمير
السياسية لا تختلف إلا في بعض التفاصيل كاللون وطول الآذان، فإذا اضطرت أميركا لاستبدال
حمار مطيع كحسني مبارك بحمار آخر كمرسي لا يؤثر كثيرا على أميركا ومصالحها، بل يكسبها
عمرا آخر, وفرصة لإعادة الهيمنة على مصر.
بعض
الأحزاب أصابها الغرور والزهو، ولمجرد أن الأمريكان ابتسموا لهم فقط, من أجل الضحك
عليهم واستخدامهم كورق المرحاض ولمرة واحدة، وما أكثر أحزاب ورق المراحيض التي يستخدمها
الأميركان كبديل أو شريك للحمار الأميركي القديم, كاستبدال حسني وابن علي وعلي عبد
الله صالح وغيرهم بعملاء جدد كالإخوان المسلمين.
المصريون
اليوم يطالبون بإسقاط النظام ورحيل مرسي عن السلطة، وكأنه لم تكن هناك ثورة أطاحت بحسني
مبارك وجاءت برئيس منتخب وهو مرسي, فقد اكتشفوا أنه تمّ الضحك عليهم، وأن ما حصل ما
هو إلا استبدال حمار عجوز بجحشٍ قابل للركوب وإن كان ملتحيا.
ما
حدث في مصر واليمن وتونس وليبيا بكل بساطة هو إعادة إنتاج طواغيت جدد، وفي البحرين
سيقومون بالشيء نفسه, بدعم آل خليفة بحمير جدد, وصناعة خليفيين جدد, ومن ثَمَّ اختيار
أفضل من يحمل صفات الطاغوت القديم، وأهم هذه الصفات قابليتهم "للنعنجة" أو"الجحشنة"،
وبرغماتيون حتى النخاع، لا تهمهم إلا مصالحهم الشخصية والحزبية.
يقول
الأستاذ محمد حسنين هيكل أحد أبرز الصحفيين العرب أن (الاعتراف الأميركي الغربي بالإخوان
المسلمين ليس قبولا بهم، وإنما لتوظيفهم لتأجيج فتنة)، وهذا الكلام ينطبق تماما على
جمعية الوفاق التي اختارتها الإدارة الأميركية في البحرين لتقوم بهذه المهمة القذرة.
إن ما ذكره الأستاذ الكبير هيكل يترك في أذهاننا تساؤلا كبيرا: لماذا يغازل الأمريكان
الإسلاميين في هذا الوقت؟؟ أليس لجحشنتهم واستغلالهم وتوظيفهم؟
إن
الحمار يبقى حمارا, حتى لو حاول أن يخفي أذنيه الكبيرتين, والحمار السياسي لا يمكن
أن يخفي حموريته بالعمامة الدينية أو العقال أو بربطة عنق أنيقة, ولا تحت أي مسمى،
علمانيا كان أو إسلاميا, وسواء كان في مصر أو تونس أو اليمن أو في البحرين، فالجحشنة
واحدة والاستحمار واحد.
فبعد
عملية "نعنجة" الحكام تأتي عملية "جحشنة" الأحزاب الإسلامية المتعطِّشة
للسلطة، لأنها تشكِّل حالة استحمار مزدوجة, لأن الدين ركن أساسي من أركان استقرار الدولة
الثلاثة (السياسة, الاقتصاد, الدين)، ولا يمكن لأي حاكم أن يستأثر بالسلطة والثورة
إلا إذا سيطر على المؤسسة الدينية ووظَّفها لخدمته، فالمؤسسة الدينية والكهنوتية لعبت
دورا مهماً طوال التاريخ وفي جميع الأزمنة والأمكنة -فهي ليست وليدة السياسة في عصرنا
الحاضر فقط- في تثبيت الحكَّام وفي إسباغ القداسة والشرعية عليهم, فمن زمن فرعون وكهنته,
وما قبل فرعون، وإلى الوهابية اليوم مع آل سعود.
وكل
الفراعنة والملوك والأباطرة على مرّ التاريخ كانوا يسيطرون على المؤسسات الدينية وعلى
كهنة المعابد, وكذلك الأمريكان اليوم يفكرون بإعادة هيكلة المؤسسة الدينية في بلاد
المسلمين لإعادة هيمنتهم على الأمة بطريقة جديدة, وذلك عبر جمع السلطة الدينية والسياسية
في مؤسسة واحدة بعد عملية "جحشنة " وأمركة الأحزاب الإسلامية.
إن
الأمريكيين يدرسون بعناية الأحزاب التي يريدون "جحشنتها" أمريكيا، ليتم توظيفها
بالطريقة التي يريدونها لحفظ مصالحهم، ولصناعة أحزاب مستحمرة ترتبط بهم وبسياساتهم،
والتي ستكون خاضعة خضوعا تاما لإرادتهم.. ومن يفكِّر في خداعهم سيستبدلونه هو الآخر.
في
كردستان دشَّن حزب الحمير شعاره بنصب على شكل رأس حمار بربطة عنق أنيقة في إقليم كردستان،
وأتمنى لو أن باقي أحزاب الحمير الأمريكية عندنا تمتلك الشجاعة نفسها وتُغيِّر أسماء
أحزابها بما يتلاءم مع الوظيفة التي يقومون بها, فالأكراد حمير أميركية بامتياز، وكذلك
الحمير السياسية الأخرى في الشرق الأوسط التي ربطت مصيرها بأمريكا.
أقترح
على كل الأحزاب المتعطِّشة للسلطة أن تضع على رأسها أذنين كبيرتين, أو أن تضع نصب الحمار
بربطة العنق الأنيقة فوق مبانيها، حتى يختارها الأمريكان بديلا عن نعاجهم القديمة أو
ضمهم إلى المجموعة, فـ"الجحشنة" اليوم أصبحت ماركة أمريكية مسجَّلة.
الأمريكان
استطاعوا "نعنجة" و"جحشنة" أصحاب البشوت والعقل وربطات العنق والبدلات،
وحتى أصحاب اللحى، ولم يتبقَّ عندهم سوى تجربة جحشنة العمامة, والتي يبدو أنها ستتفوق
على جميع أنواع الجحشنة في الشرق الأوسط, لا سيما أن لحية مرسي لم تنجح في شرعنة الجحشنة.
والاقتراح
الآخر هو تأسيس (نادي الحمير الأمريكية)، ويضم حزب الحمير الكردي وحزب الإخوان وبقية
أحزاب الحمير القادمة في الطريق.. على طريقة نادي الملوك.
إذا
طبطبت أمريكا أو مدحت أحدا أو حزبا فلا يفرح كثيرا, فقبولها يعني أمرا واحدا وهو أنها
أصبحت حمارا أو جحشا أمريكيا جاهزا للخدمة, وجاهزا للاستحمار.
إن
خضوع الشخصيات أو الأحزاب وطاعتها لأميركا أو لغير أمريكا يُعتَبر استحمارا أو عمالة
أو الاثنين معا، وخصوصا إذا خالفت هذه المواقف إرادة الناس وتطلُّعاتها وخالفت مصلحة
الأمة.
فلا
تحتاج أن تضع على رأسك أذنين طويلتين لكي تكون حمارا أو جحشا أمريكيا، ولا تحتاج أن
تغيِّر عمامتك بقبعة رعاة البقر الأمريكية (كاوبوي)، وإنما يكفي أن تحني رأسك احتراما
وتفعل ما يريدونه وتتجنَّب ما يزعجهم, وتسير في فلكهم, وتنتظر التغيير من عندهم، فالجحشنة
لا ترتبط بالأذنين الكبيرتين, بل في البحث عن رضا الأمريكان وإبهارهم.
تبقى
الجحشنة درجات ومراتب، وكالمرتبة المتقدِّمة التي وصل إليها (الجيش الحر) والذي يسميه
السوريون (الكر)، وبحسب لهجتهم تعني (الجحش)، فهم حمير أمريكا بامتياز، تحرِّكهم متى
شاءت وأين شاءت وكيف شاءت باسم الدين والجهاد وبالفتوى الشرعية، لأنها ببساطة تستحمر
أسيادهم قبلهم.
المشكلة
ليست مع الحمير التي تعلم أنها حمير ووظيفتها حماية المصالح الأمريكية أو الاستعمار
بشكل عام وأنهم مجرد نواطير على النفط.. المشكلة في الحمير الجدد الذين تم استحمارهم
وجحشنتهم ويعيشون مخدوعين أحيانا على أنهم أسود.
حين
نطلق كلمة "حمار" أو "جحش" على أحد فـ"لا يزعل"، فالقرآن
سبقنا قبل أكثر من 1400 عام.. (مثل الذين حمِّلوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار
يحمل أسفارا)..
نعم..
ليس فقط من حملوا التوراة ثم لم يحملوها.. بل من حملوا القرآن ثم لم يطبقوه فهم كمثل
الحمير أيضا.. فالجحشنة والاستحمار لا يرتبط بدين ولا بعرق، بل كل من يقبل الركوب على
ظهره فهو حمار أمريكي أو أي ماركة أخرى ينحني لها.
نتمنى
أن يُستَبدل الحمير ونواطير الاستعمار بحكامِ عدلٍ تحفظ للناس عزتهم وكرامتهم, وبأنظمة
تخدم الناس ولا تستخدمها, وأن تولد الشعوب ولادة جديدة وصحيحة, لا ولادة أمريكية مشوَّهة
كما هي في جميع دول الربيع العربي.
نريد
ولادة جديدة لبحرين جديدة بلا آل خليفة وأذنابهم، ولا بصنائع أمريكا وحميرها وجحوشها،
إنما يجري اليوم في البحرين ما هي إلا محاولة القيام بعملية ولادة قيصرية مشوَّهة لجنين
ميِّت ومشوِّه ظلّ ميّتاً في بطن أمه سنتين.. ومحاولة إعادة النظام بشكل جديد.
في
مصر جاءت الولادة للثورة مشوَّهة، وجاء مرسي مكان حسني، تماما كما هتف الثوّار المصريين
في ميدان التحرير (شيلوا مبارك وحطوا حمار)، ولا نريد أن يتكرر هذا المشهد عندنا، وخصوصا
أن الثوار في البحرين قد هتفوا هتافات مشابه عديدة من مثل (شيلوا خليفة وحطوا حمار)
و(شيلوا خليفة وحطوا خروف) و(شيلوا خليفة وحطوا سبال)..
نريد
ولادة جديدة للثورة, لا أن نستبدل خليفة ولا آل خليفة بحمار أو خروف أو سبال, ولا أن
نستبدل نادي الملوك بنادي الحمير والجحوش والخرفان والسبلان للحكّام والرؤساء الجدد.
ودمتم
بخير
الحر
الموسوي
@asmohd2
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق