ثورة اللؤلؤ هي واقعةٌ اليوم بين مسارين ومآلين يمكن أن تتوجّه وتصل إليهما، وهما إما الحسم الثوري وإن تأخَّر لعوامل داخلية وخارجية، وإما التسوية السياسية بتفاصيلها التي إن وجدت فهي تستدعي التحليل والنقاش بطبيعة الحال.
على الأرض، هناك تدافع واحتكاك واستمرار للنَفَس والحراك الثوري، وإن انكفأ في الآونة الأخيرة بعد أن تمت محاصرته بالحملات القمعية الشرسة التي انتقلت من منطقة لأخرى، وأيضاً بذهاب الوفاق ممثِّلة للجمعيات السياسية في مشروع مناهضة الثورة والتواصل مجدداً وبشكل سافر مع الكيان الخليفي الذي أسقطت الثورة شرعيته وإصدارها وثيقة إدانة العنف التي جاءت بإيعازٍ أمريكي بريطاني، والتي استقبلتها الإدارتان الأمريكية والبريطانية وبعض الدول الغربية الكبرى بالترحيب، كما أبدى الخليفي ارتياحه وطالب بالمزيد، وصولاً للاصطدام المباشر مع الثوار وإيقاف الحراك الثوري تحت غطاء إدانة العنف. وكيف لا يعتبرونه إنجازاً مهماً وقد أقرَّت قوى سياسية محسوبة على الشعب وتدّعي تمثيله سياسياً وأدانت الثورة ووصمتها بالعنف بعد أن ضرب شعب البحرين المثل الأسمى في السلمية التي لم تشهدها ثورات الوطن العربي برمَّته؟!
ومع عزل قوى الثورة السياسية، والتي تؤمن بالتغيير الجذري، وإقصائها وتغييبها في السجون، ووجود مشروع آخر متناقض مع مشروع الثورة وأدبياتها القاضية بالمفاصلة التامة مع الخليفيين، والإطاحة بالعهد الشمولي والمظلم من حكمهم المشؤوم وبناء دولة العدالة والاستقلال الوطني والازدهار، ومع الواقع الأمني الذي فُرِض على المشهد الميداني والسياسي بإدخال قوات الاحتلال السعودي في المعادلة، وبالنظر إلى الأولويات والمعادلات الإقليمية الجارية والتركيز على الوضع السوري فإنَّ الحسم الثوري ومقايضته بالوضع البحراني -ولو جزئياً- يبدو أنه لم يحن أوانه بعد، لذلك سنكون مع استمرار الحراك الحالي ومرحلة استنزاف تحتاج للصمود المضاعف وتحريك الجمود الحاصل في الساحة حتى لا تتحول من معركة استنزاف للعدو إلى مرحلة استنزاف ذاتية ترهق الثوار وتمنح أعداء الثورة فرصة للاسترخاء واستجماع القوة للانقضاض على الثورة وإحباطها بالكامل، ومحاولة صياغة تسوية سياسية لا ترضي قوى وجماهير الثورة وتثبيتها نهائيا.
أما في مجال التسوية السياسية المنظورة والتي يتم الترويج لها والحديث بشأنها أسوة بالملف السوري فهي تسوية ناقصة أقصى ما يمكن أن تخرج به هو أن يتم إدخال الوفاق في الحكومة واستلامها بعض المقاعد الوزارية، وهو ما خرج من نطاق الاستهلاك الإعلامي والتحليل وجسّ النبض إلى مرحلة الجهر والمطالبة على الصعيد السياسي بالشروع في تشكيل حكومة انتقالية، وهو ما يعني دخول الجمعيات وعلى رأسها الوفاق فيها وكونها جزءاً من الحكومة الخليفية ومسؤولة سياسياً عن كل ما يصدر منها. هذه التسوية لا تعطي تصوّراً واضحاً يمكن نقاشه، فمن يمكن أن يُعزَل، ومن يبقى في الحكم، وعلى أيّة أرضيّة يمكن أن تقف التسوية، ومن الذي يدير هذه العملية ويكون حَكَمَاً فيها؟ هذا مع إقصائنا لرأي قوى وجماهير الثورة.
قيل بعد الجلسات التمهيدية والدخول في حوار سياسي رسمي والانتهاء منه أنَّ نتائج الحوار يمكن أن تعرض على الشعب ليصوِّت على مخرجاته، وسيكون بذلك ثاني استفتاء يتم إجراؤه من طرف الحكم الخليفي وبرعايته بعد استفتاء مشروع الميثاق، وطبعاً هذا الخيار من عملية التسوية السياسية المتصوّرة يغفل أنَّ الحكم الخليفي طرف أساسي في مشكلةٌ الصراع، بل هو أساس المشكلة والداء، وبالتالي يفترض أن يتم التفاوض عليه وليس التفاوض معه.
وبخصوص ما جرى مطلع السبعينات فهو قد أتى عن طريق الأمم المتحدة -ولو في الظاهر- التي هي ليست طرفاً مباشراً في الصراع، وتمثِّل مرجعية دولية يمكن الاحتكام والرجوع إليها لحسم النزاعات الدولية وتقرير مصير الشعوب، ولكنَّ الذي حصل كان عملية تسوية وتوافق بين الشاه وبريطانيا على وضع البحرين بعد أن طرحت فكرة الاحتكام لرأي شعب البحرين بعد مطالبة الشاه بإعادة النفوذ على البحرين ورغبة بريطانيا بالإبقاء على حكم آل خليفة الذي يرعى مصالحها ويضمن نفوذها، إذ لم نكن بصدد عملية استفتاء كما هو معهود في دول العالم، وإنما كانت بعثة استطلاع لآراء مجموعة قليلة ومختارة من الشعب وبصورة غير محكمة تتوافق مع الأعراف الدولية؛ فالاستفتاء يكون عن طريق جميع من يحق له التصويت عن طريق سَنّ قانون خاص بهذا الشأن وبإشراف لجنة خاصة معتمدة من الأمم المتحدة، وهو أمرٌ لم يحدث حتى الآن ولم يُطرح بعد.
هذا ما نفهمه ونقبله من كلمة "استفتاء" عندما تُطرح بحيث لا يكون استفتاءاً مع النظام وبرعايته، وإنما استفتاءٌ على أصل النظام وبرعاية دولية رسمية موثّقة وملزِمة لمختلف الأطراف، وإلا فطريقنا مستمرٌ وثورتنا مستمرة ومنصورة بإذن الله.
على الأرض، هناك تدافع واحتكاك واستمرار للنَفَس والحراك الثوري، وإن انكفأ في الآونة الأخيرة بعد أن تمت محاصرته بالحملات القمعية الشرسة التي انتقلت من منطقة لأخرى، وأيضاً بذهاب الوفاق ممثِّلة للجمعيات السياسية في مشروع مناهضة الثورة والتواصل مجدداً وبشكل سافر مع الكيان الخليفي الذي أسقطت الثورة شرعيته وإصدارها وثيقة إدانة العنف التي جاءت بإيعازٍ أمريكي بريطاني، والتي استقبلتها الإدارتان الأمريكية والبريطانية وبعض الدول الغربية الكبرى بالترحيب، كما أبدى الخليفي ارتياحه وطالب بالمزيد، وصولاً للاصطدام المباشر مع الثوار وإيقاف الحراك الثوري تحت غطاء إدانة العنف. وكيف لا يعتبرونه إنجازاً مهماً وقد أقرَّت قوى سياسية محسوبة على الشعب وتدّعي تمثيله سياسياً وأدانت الثورة ووصمتها بالعنف بعد أن ضرب شعب البحرين المثل الأسمى في السلمية التي لم تشهدها ثورات الوطن العربي برمَّته؟!
ومع عزل قوى الثورة السياسية، والتي تؤمن بالتغيير الجذري، وإقصائها وتغييبها في السجون، ووجود مشروع آخر متناقض مع مشروع الثورة وأدبياتها القاضية بالمفاصلة التامة مع الخليفيين، والإطاحة بالعهد الشمولي والمظلم من حكمهم المشؤوم وبناء دولة العدالة والاستقلال الوطني والازدهار، ومع الواقع الأمني الذي فُرِض على المشهد الميداني والسياسي بإدخال قوات الاحتلال السعودي في المعادلة، وبالنظر إلى الأولويات والمعادلات الإقليمية الجارية والتركيز على الوضع السوري فإنَّ الحسم الثوري ومقايضته بالوضع البحراني -ولو جزئياً- يبدو أنه لم يحن أوانه بعد، لذلك سنكون مع استمرار الحراك الحالي ومرحلة استنزاف تحتاج للصمود المضاعف وتحريك الجمود الحاصل في الساحة حتى لا تتحول من معركة استنزاف للعدو إلى مرحلة استنزاف ذاتية ترهق الثوار وتمنح أعداء الثورة فرصة للاسترخاء واستجماع القوة للانقضاض على الثورة وإحباطها بالكامل، ومحاولة صياغة تسوية سياسية لا ترضي قوى وجماهير الثورة وتثبيتها نهائيا.
أما في مجال التسوية السياسية المنظورة والتي يتم الترويج لها والحديث بشأنها أسوة بالملف السوري فهي تسوية ناقصة أقصى ما يمكن أن تخرج به هو أن يتم إدخال الوفاق في الحكومة واستلامها بعض المقاعد الوزارية، وهو ما خرج من نطاق الاستهلاك الإعلامي والتحليل وجسّ النبض إلى مرحلة الجهر والمطالبة على الصعيد السياسي بالشروع في تشكيل حكومة انتقالية، وهو ما يعني دخول الجمعيات وعلى رأسها الوفاق فيها وكونها جزءاً من الحكومة الخليفية ومسؤولة سياسياً عن كل ما يصدر منها. هذه التسوية لا تعطي تصوّراً واضحاً يمكن نقاشه، فمن يمكن أن يُعزَل، ومن يبقى في الحكم، وعلى أيّة أرضيّة يمكن أن تقف التسوية، ومن الذي يدير هذه العملية ويكون حَكَمَاً فيها؟ هذا مع إقصائنا لرأي قوى وجماهير الثورة.
قيل بعد الجلسات التمهيدية والدخول في حوار سياسي رسمي والانتهاء منه أنَّ نتائج الحوار يمكن أن تعرض على الشعب ليصوِّت على مخرجاته، وسيكون بذلك ثاني استفتاء يتم إجراؤه من طرف الحكم الخليفي وبرعايته بعد استفتاء مشروع الميثاق، وطبعاً هذا الخيار من عملية التسوية السياسية المتصوّرة يغفل أنَّ الحكم الخليفي طرف أساسي في مشكلةٌ الصراع، بل هو أساس المشكلة والداء، وبالتالي يفترض أن يتم التفاوض عليه وليس التفاوض معه.
وبخصوص ما جرى مطلع السبعينات فهو قد أتى عن طريق الأمم المتحدة -ولو في الظاهر- التي هي ليست طرفاً مباشراً في الصراع، وتمثِّل مرجعية دولية يمكن الاحتكام والرجوع إليها لحسم النزاعات الدولية وتقرير مصير الشعوب، ولكنَّ الذي حصل كان عملية تسوية وتوافق بين الشاه وبريطانيا على وضع البحرين بعد أن طرحت فكرة الاحتكام لرأي شعب البحرين بعد مطالبة الشاه بإعادة النفوذ على البحرين ورغبة بريطانيا بالإبقاء على حكم آل خليفة الذي يرعى مصالحها ويضمن نفوذها، إذ لم نكن بصدد عملية استفتاء كما هو معهود في دول العالم، وإنما كانت بعثة استطلاع لآراء مجموعة قليلة ومختارة من الشعب وبصورة غير محكمة تتوافق مع الأعراف الدولية؛ فالاستفتاء يكون عن طريق جميع من يحق له التصويت عن طريق سَنّ قانون خاص بهذا الشأن وبإشراف لجنة خاصة معتمدة من الأمم المتحدة، وهو أمرٌ لم يحدث حتى الآن ولم يُطرح بعد.
هذا ما نفهمه ونقبله من كلمة "استفتاء" عندما تُطرح بحيث لا يكون استفتاءاً مع النظام وبرعايته، وإنما استفتاءٌ على أصل النظام وبرعاية دولية رسمية موثّقة وملزِمة لمختلف الأطراف، وإلا فطريقنا مستمرٌ وثورتنا مستمرة ومنصورة بإذن الله.
albahrain Free