"بسم الله الرحمن الرحيم"
أول
آية في القرآن الكريم هي آية البسملة، آية تدعو إلى الرحمة، لا إلى العنف والقسوة،
فالإسلام هو دين الرحمة والسلام، وعندما نزل القرآن الكريم على النبي محمد (ص) كانت
وظيفته محدّدة في قوله تعالى: (وما أرسلناكَ إلا رحمةً للعالمين)، فهي دعوة إلى الرحمة
وليس القسوة، إلا في حالة "الدفاع عن النفس ودفع العدوان والتعدّي".
(لَقَدْ
جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ
بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)
كان
رسول الله (ص) يتروّى في القتال رحمة بالمشركين وبالمؤمنين لحقن الدماء والهداية للإيمان،
فإذا ذهبنا إلى كل المعارك والغزوات التي خاضها الرسول (ص) من عدد القتلى من الكفار
والمسلمين يتضح لنا مدى حرصه (ص) في حقن دماء المسلمين والكفار أيضاً، فقد بلغ عدد
الشهداء من المسلمين (٢٦٢) شهيدا، ومن المشركين (١٠٢٢) قتيلاً. دلالة واضحة على رحمة
النبي (ص) في القتال والمعارك، وعدم دمويته وحرصه على أرواح البشر والمحافظة عليها
في عهده وسيرته (من كتاب أخلاقيات الحروب في السيرة النبوية - د. إسماعيل عبد الفتاح
الكافي)
بعد
وفاة الرسول (ص) اتبع الأئمة الأطهار نفس المنهج، فقد كانوا يحافظون على دماء المسلمين،
وكل ما تعرّضوا له من ظلم واستبداد من يوم السقيفة كان بسبب المحافظة على الإسلام وحقن
دماء المسلمين.
في
ثورة الإمام الحسين (ع) عندما اشتدت الحرب أوزارها طلب (ع) من أصحابه وأنصاره أن يغادروا
كربلاء ويرجعوا إلى أهلهم وأوطانهم خوفاً عليهم وحقناً لدمائهم، فالجيش الأموي يريدون
قتل الحسين (ع) وأهله، إلا أن أصحاب وأنصار الحسين الأوفياء أبوا إلا أن ينصروه ويدافعوا
عن الدين الإسلامي.
من
عنده فكر ونهج الرسول (ص) وأهل البيت عليهم السلام، وعندهم أبو الأحرار الحسين (ع)
وشعاراته وثورته، كيف يكون لهم رمز غير العترة الطاهرة؟!
في
ثورة ١٤ فبراير ظهرت ظاهرة أراها غريبة نوعاً ما، وهي مزيج متناقض بين الإسلام وثقافات
أخرى ظهرت ورَوَّجَ لها الكثير من الثوّار، فكان الفكر الشيوعي الثوري أحد هذه الثقافات
التي دخلت على الثورة، فنحن نرى معظم الثوار يرفعون صورا لجيفارا الثوري الشيوعي، وفي
نفس الوقت يردِّدون شعارات الحسين عليه السلام، أليس هذا قمة التناقض؟! فمن عنده الحسين
(ع) كيف يكون رمزه جيفارا؟؟!!!
أثارني
الفضول لمعرفة السبب الذي جعل جيفارا أحد رموز ثورتنا، فكان جواب البعض بأنه شيوعي
أو ملحد لكنه لا يحب الظلم، وأحلامه في نصرة المظلوم لا تعرف الحدود، فهو رمز للثورة
على الظلم..
هذا
الكلام مؤلم عندما نسمعه من الشباب الذي يكون الحسين (ع) قدوته، حتى وقع في يديَّ فلمٌ
مصورٌ عن حياة جيفارا من بداية شبابه حتى وقت قتله، سيكون مرفقا مع المقال لمعرفة حقيقة
جيفارا الذي استطاع الغرب أن يبثوا ثقافته الدموية في نفوس الثوار. بعد مشاهدة قصة
حياته أضع بين يديكم بعض صفات جيفارا الذي تعمَّد البعض إخفاءها حتى يُضلَّلَ الشباب
الثوري:
١-
كان جيفارا يكره الظلم وثار من أجله، ولكنه شاب متهور، نجح في كوبا، ولكنه كان أحد
أسباب فشل كل الثورات التي خاضها بسبب تهوّره.
٢-
جيفارا الذي كان يكره الظلم والظالمين هو نفسه الذي أرسل المئات من المحتجزين في كوبا
إلى ساحة الإعدام دون الاستماع إلى دفاعهم والتأكد من إدانتهم. كان يصدر أوامر الإعدام
بشكل شبه يومي ضد أناس بعضهم لا شأن لهم بجرائم العهد البائد، وإنما لأنهم كانوا من
المعارضين السياسيين السلميين!
٣-
بعض شعارات جيفارا: "أنا فى أدغال كوبا، حيًّا ومتعطِّشا للدماء"،
"أمام أيِّ شكٍّ، اقتلوا فورا"، "أطلق النار، فلن تقتل سوى إنسان"،
"الكراهية كعامل للصراع، تدفع الإنسان أبعد من قيوده الطبيعية، محوِّلةً إياه
إلى آلة قتل قاسية وفعّالة وانتقائية وباردة الدم، هكذا يجب أن يكون جنودنا".
هذا
قليل من حياة جيفارا التي يجب على كل الثوّار معرفتها، فاندفاعهم مع شعاراته هو نوع
من التهور ودفعٌ للشباب إلى التضحية بأرواحهم وسفك دمائهم، أعيد وأكرِّر ما تناولته
في بداية المقال، من عنده منهج أهل البيت والعترة الطاهرة لا يكون جيفارا رمزاً له.
الإسلام
عندما يدعو إلى الحرب على ظالم أو فاسق يكون هدفه الانتصار وحقن الدماء والخروج من
الحرب بأقل الخسائر، فالهدف هو النصر وليس الشهادة، شعارات الحسين عليه السلام كانت
"هيهات منا الذلة"، "لن نركع إلا لله"، ولم نسمع أبدا بشعار
"أنا الشهيد التالي" الذي للأسف روَّج له الكثير، حتى أصبح جميع الشباب والفتية
يتمنون الشهادة أكثر مما يتمنَّون النصر على هذا النظام، كل هذا بسبب من يحفِّز الشباب
المقاوم للمواجهات مع نظام ومرتزقة يحملون كل أسلحة القتل، فيكونون عرضة للقتل وسفك
دمائهم، ويكونون أضاحي وغيرهم من سيستفيد، لذلك نرى أن ثورة ١٤ فبراير هي أكثر الثورات
التي استشهد فيها كثير من الفتية والشباب.
نحن
نحتاج إلى عقول مُدبِّرة تخطِّط وتدرِّب وتضرب النظام بأقل الخسائر، السلمية عرَّضت
الشباب للقتل، والمواجهة غير المدروسة وغير المتكافئة عرَّضتهم للقتل أيضا، لذلك عند
سقوط أي شهيد يراودني سؤال واحد:
من
سيحقن دماء شبابنا اليوم من بطش النظام؟
http://www.youtube.com/watch?v=6mAgiXBdEJ4&feature=youtube_gdata_player
رؤى
النصر
@Ro2aAlnasr
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق