إنَّ من يحمل مشروعاً جدياً ولديه رغبة حقيقية من أجل تحقيقه فإنه لا يكف عن التفكير في إيجاد السبل الأفضل والأقل تكلفة واستهلاكاً للوقت والجهد من أجل إنجازه. وترجمة لهذا المشروع والرغبة الجادة يكون بين يديه خطة عمل وأجندة محددة وواضحة وبرنامجاً زمنياً وإشرافاً عليه ومتابعة حثيثة ودقيقة لمراحل تنفيذه. وعندما تعترض طريقه بعض العقبات وتواجهه التحديات فهو تلقائياً يعمل جاهداً على تذليلها وتجاوزها كي ينجح مشروعه ويبلغ أهدافه.
أما المتخبّط غير الجاد في مشاريعه وقراراته، والذي تسير أموره على البركة كما يقال، فهو قبل أن يرى ما هي أهدافه وطموحاته وما يجب أن يكون عنده من منجزات ليس له تفكير إلا في العقبات والعراقيل التي قد تسدّ طريقه وذلك لأنه لا يريد أن يكلّف نفسه ما لا يرغب في القيام به وتحمّل آثاره وتداعياته.
وإذا فرضنا أنَّ كلا الرجلين يحملان مشروعاً نبيلاً يهمهما نجاحه وبلوغ أهدافه. فالأوّل يتعاطى بروحية المشغول بالوصول إلى المرحلة النهائية من المشروع الذي بدأه وجني الأرباح والمكاسب ثم الحفاظ عليها وزيادتها واستثمارها. أما الثاني فهو وإن كان مشروعه نبيلاً ومشروعاً لكنه لا يبذل مجهوداً مثمراً وصحيحاً من أجل أن ينجح المشروع ويأتي بالأرباح والمكاسب، وإنما يعتمد في عمله على العشوائية والحالة العاطفية التي قد تنتابه بين فينة وأخرى والتي تعطيه الحافز للعمل وبذل المجهود دون أن يكون له برنامج واضح وأجندة محددة يتابعها ويشرف على تنفيذها بدقّة وإتقان.
هذا هو حال ثورتنا المباركة عندما تفتقر إلى وجود مشروع واضح وخطة عمل مرسومة تضع حداً نهائياً لغطرسة الخليفيين وتنهي استبدادهم واستئثارهم بالدولة وبثرواتها.
وحديث الساعة في الوسط الشعبي بلا شك هو حول الدعوة إلى الإضراب العام في ذكرى انطلاق الثورة بتاريخ 14 فبراير 2011 واضعين في الحسبان التجربة السابقة للإضراب منذ اليوم التالي وسقوط الشهيد الثاني في الثورة فاضل المتروك بعد شهيدها الأول ومفجّرها علي مشيمع. لقد كان الحماس الشعبي على أشدّه والروح الثورية مسيطرة على الساحة ولم يكن هنالك مجال إلا ما تفرضه الجماهير فجاء الإضراب في هذا السياق وتبناه اتحاد نقابات عمّال البحرين ولاقى استجابة واسعة شلّت على إثره أغلبية قطاعات العمل والإنتاج وتغيّب العمّال والموظفون عن أعمالهم وتوجهّوا إلى الدوّار وشاركوا في المسيرات الضخمة التي انطلقت منه وإليه وإلى مختلف الهيئات والمؤسسات العامة. استمرّ الإضراب حتى يوم 20 فبراير وبعدها فوجئ الشعب بإعلان من الإتحاد -كما نشر في الصحافة- بوقف الإضراب لما أسماه تحقيق المطالب بسحب الجيش والسماح بالتظاهر السلمي، في حين أنها ليست هي المطالب التي حملتها الجماهير، وأضربت على أساسها، ولأنّ خطوة سحب الجيش لم تأت بناءً على اتفاق أو لوجود ضمانة بعدم تكرارها كما حصل لاحقاً، وإنما جاءت لامتصاص التموج الجماهيري الخطير بعد واقعة إصابة الشهيد عبد الرضا بوحميد على مشارف الدوار برصاص الجيش عقب ختام فاتحة الشهيد فاضل المتروك. ثمّ إن الحق في التظاهر والتعبير استحقاق وليس مطلباً وهو ما فرضته الجماهير بنزولها بعشرات الآلاف غير عابئة بالقمع وإطلاق الرصاص.
النتيجة، أنّ الإضراب أُفشل ولم يفشل بذاته لأسباب عدّة، منها:
1. الإضراب لم يحقق أهدافه بسقوط الحكومة على أقل تقدير.
2. الإضراب لم تستكمل خطواته واقتصر على الإضراب عن العمل والدراسة دون خطوات أخرى مساندة وموسعة ومتعددة، وهو ما يؤكد غياب أجندة واضحة ومحددة وبرنامج عمل يستمر حتى تتحقق النتائج وتبلغ الأهداف. فللإضراب صور عديدة وليس مجرد الامتناع عن الذهاب إلى الأعمال والدراسة أو الخروج في المسيرات.
3. الإضراب وبدلاً من أن يكون وضعه وانطلاقته بيد الشعب سُلّم إلى الاتحاد العمّالي، الذي بدوره خضع واستجاب للضغوط والتهديدات، فكانت خيبة الأمل والاستياء لدى المضربين وعامّة جماهير الثورة الذين ضحّوا بأعمالهم ومواقعهم الوظيفية والدراسية من أجل تحقيق أهداف الثورة.
وعليه، فإنّ:
أ. من يملك جديّة فإنَّه سيجتهد بتوفير الظروف والبيئة المطلوبة لإنجاح الإضراب وتفعيل ورقة العصيان المدني بكافة صوره وأدواته. وسيعمل على معالجة النواقص، واستكمال الاستعدادات اللازمة لإنجاح الإضراب ومن ثمّ العصيان المدني الواسع والشامل.
ب. من لا يملك جديّة ولا يتبنّى التصعيد أصلاً، وإن كان سلمياً فإنه سيجتهد من أجل بثّ الإحباط واليأس والاستسلام وتنفير الناس من المشاركة في الإضراب وتحذيرهم من عواقبها والتشكيك في جدواها مع بقائه على سلبيته وبلادته.
ج. من لا يملك جديّة أو من لديه تقاطع مصالح مع النظام سيعمل جاهداً على محاربة ورقة العصيان المدني مع أنها سلمية وشعبية وعلنية، كما أنه سيستميت في منع التفكير والعمل على استهداف الاقتصاد الخليفي، وزعزعة أركانه، إما لأنَّه غيرُ جاد في مشروع إسقاط الحكومة على أقل تقدير، أو لأنه يحمل مشروعاً آخر سينتهي ويفشل بتفعيل هذه الخطوة.
أما المتخبّط غير الجاد في مشاريعه وقراراته، والذي تسير أموره على البركة كما يقال، فهو قبل أن يرى ما هي أهدافه وطموحاته وما يجب أن يكون عنده من منجزات ليس له تفكير إلا في العقبات والعراقيل التي قد تسدّ طريقه وذلك لأنه لا يريد أن يكلّف نفسه ما لا يرغب في القيام به وتحمّل آثاره وتداعياته.
وإذا فرضنا أنَّ كلا الرجلين يحملان مشروعاً نبيلاً يهمهما نجاحه وبلوغ أهدافه. فالأوّل يتعاطى بروحية المشغول بالوصول إلى المرحلة النهائية من المشروع الذي بدأه وجني الأرباح والمكاسب ثم الحفاظ عليها وزيادتها واستثمارها. أما الثاني فهو وإن كان مشروعه نبيلاً ومشروعاً لكنه لا يبذل مجهوداً مثمراً وصحيحاً من أجل أن ينجح المشروع ويأتي بالأرباح والمكاسب، وإنما يعتمد في عمله على العشوائية والحالة العاطفية التي قد تنتابه بين فينة وأخرى والتي تعطيه الحافز للعمل وبذل المجهود دون أن يكون له برنامج واضح وأجندة محددة يتابعها ويشرف على تنفيذها بدقّة وإتقان.
هذا هو حال ثورتنا المباركة عندما تفتقر إلى وجود مشروع واضح وخطة عمل مرسومة تضع حداً نهائياً لغطرسة الخليفيين وتنهي استبدادهم واستئثارهم بالدولة وبثرواتها.
وحديث الساعة في الوسط الشعبي بلا شك هو حول الدعوة إلى الإضراب العام في ذكرى انطلاق الثورة بتاريخ 14 فبراير 2011 واضعين في الحسبان التجربة السابقة للإضراب منذ اليوم التالي وسقوط الشهيد الثاني في الثورة فاضل المتروك بعد شهيدها الأول ومفجّرها علي مشيمع. لقد كان الحماس الشعبي على أشدّه والروح الثورية مسيطرة على الساحة ولم يكن هنالك مجال إلا ما تفرضه الجماهير فجاء الإضراب في هذا السياق وتبناه اتحاد نقابات عمّال البحرين ولاقى استجابة واسعة شلّت على إثره أغلبية قطاعات العمل والإنتاج وتغيّب العمّال والموظفون عن أعمالهم وتوجهّوا إلى الدوّار وشاركوا في المسيرات الضخمة التي انطلقت منه وإليه وإلى مختلف الهيئات والمؤسسات العامة. استمرّ الإضراب حتى يوم 20 فبراير وبعدها فوجئ الشعب بإعلان من الإتحاد -كما نشر في الصحافة- بوقف الإضراب لما أسماه تحقيق المطالب بسحب الجيش والسماح بالتظاهر السلمي، في حين أنها ليست هي المطالب التي حملتها الجماهير، وأضربت على أساسها، ولأنّ خطوة سحب الجيش لم تأت بناءً على اتفاق أو لوجود ضمانة بعدم تكرارها كما حصل لاحقاً، وإنما جاءت لامتصاص التموج الجماهيري الخطير بعد واقعة إصابة الشهيد عبد الرضا بوحميد على مشارف الدوار برصاص الجيش عقب ختام فاتحة الشهيد فاضل المتروك. ثمّ إن الحق في التظاهر والتعبير استحقاق وليس مطلباً وهو ما فرضته الجماهير بنزولها بعشرات الآلاف غير عابئة بالقمع وإطلاق الرصاص.
النتيجة، أنّ الإضراب أُفشل ولم يفشل بذاته لأسباب عدّة، منها:
1. الإضراب لم يحقق أهدافه بسقوط الحكومة على أقل تقدير.
2. الإضراب لم تستكمل خطواته واقتصر على الإضراب عن العمل والدراسة دون خطوات أخرى مساندة وموسعة ومتعددة، وهو ما يؤكد غياب أجندة واضحة ومحددة وبرنامج عمل يستمر حتى تتحقق النتائج وتبلغ الأهداف. فللإضراب صور عديدة وليس مجرد الامتناع عن الذهاب إلى الأعمال والدراسة أو الخروج في المسيرات.
3. الإضراب وبدلاً من أن يكون وضعه وانطلاقته بيد الشعب سُلّم إلى الاتحاد العمّالي، الذي بدوره خضع واستجاب للضغوط والتهديدات، فكانت خيبة الأمل والاستياء لدى المضربين وعامّة جماهير الثورة الذين ضحّوا بأعمالهم ومواقعهم الوظيفية والدراسية من أجل تحقيق أهداف الثورة.
وعليه، فإنّ:
أ. من يملك جديّة فإنَّه سيجتهد بتوفير الظروف والبيئة المطلوبة لإنجاح الإضراب وتفعيل ورقة العصيان المدني بكافة صوره وأدواته. وسيعمل على معالجة النواقص، واستكمال الاستعدادات اللازمة لإنجاح الإضراب ومن ثمّ العصيان المدني الواسع والشامل.
ب. من لا يملك جديّة ولا يتبنّى التصعيد أصلاً، وإن كان سلمياً فإنه سيجتهد من أجل بثّ الإحباط واليأس والاستسلام وتنفير الناس من المشاركة في الإضراب وتحذيرهم من عواقبها والتشكيك في جدواها مع بقائه على سلبيته وبلادته.
ج. من لا يملك جديّة أو من لديه تقاطع مصالح مع النظام سيعمل جاهداً على محاربة ورقة العصيان المدني مع أنها سلمية وشعبية وعلنية، كما أنه سيستميت في منع التفكير والعمل على استهداف الاقتصاد الخليفي، وزعزعة أركانه، إما لأنَّه غيرُ جاد في مشروع إسقاط الحكومة على أقل تقدير، أو لأنه يحمل مشروعاً آخر سينتهي ويفشل بتفعيل هذه الخطوة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق