نكمل للقارئ الكريم جزءنا الثاني من البحث حول شخصية عمر بن الخطاب، والتي سنعرض فيه 3 حوادث تاريخية عنه متفقة بين السنة والشيعة، والتي سنكتفي بروايات صحيحة من كتب أهل السنة والجماعة فقط، فنرجو مراجعة الجزء الأول لمعرفة منهجنا في البحث من خلال المقدمات التي ذكرناها، كما اكتفينا فيه بذكر حادثة واحدة فقط، والتي عنونّاها بـ"عمر بن الخطاب وحكم الاستئذان والصفق بالأسواق".
الحادثة الثانية: "عمر بن الخطاب ومتعة الحج":
بينّا في الجزء الأول أننا لا نذكر إلا المصادر الصحيحة السند والمعتبرة عند علماء مذهب أهل السنة والجماعة، ومن أراد التأكد فعليه مراجعة ما سنعرضه من مصادر ليتبين الحال، ثم سنشرح بشكل مبسط ما تقوله هذه المصادر، سواء كانت رواية أم حديثا أم قول عالم معترف به:
أ- المصادر:
وسنكتفي هنا بذكر أربع مصادر كي لا يطول البحث:
المصدر الأول: صحيح سنن النسائي للألباني ج2 ص268 حديث 2735 http://tinyurl.com/cwrgcex
المصدر الثاني: صحيح مسلم: كتاب الحج: باب في نسخ التحلل من الإحرام والأمر بالتمام http://tinyurl.com/cv5fy5c
المصدر الثالث: صحيح البخاري: كتاب تفسير القرآن (سورة البقرة): باب فمن تمتع بالعمرة إلى الحج http://tinyurl.com/cev3zjg
المصدر الرابع: مجموع الفتاوى ومقالات متنوعة للشيخ ابن باز ج8 صفحة 140 http://tinyurl.com/brkb8w4
ب- البيان:
*** الحديث الأول يبين جرأة عمر على حكم الله ورسوله في قضية متعة الحج! وقد بين هو نفسه هذه الجرأة! .. فلنشرح عباراته ونر معنى كلامه:
1. "والله إني لأنهاكم عن المتعة": قوله "والله" + "إني" + اللام في "لأنهاكم"= 3 توكيدات على نهيه الشديد عن متعة الحج.
2. "وإنها لفي كتاب الله": "وإنها لفي" أي متعة الحج التي نهى عنها + "كتاب الله" أي القرآن = تأكيد على وجود المتعة في القرآن!
3. "ولقد فعلها رسول الله": أي أن رسول الله عمليا إضافة على وجودها في القرآن!
النتيجة الأولى: عمر يقول ويؤكد صراحة أنه يمنع عن متعة الحج التي أقرها الله وفعلها رسوله!!! عجب !!!!!!
*** الحديث الثاني يبين أن الرسول وأصحابه قاموا بمتعة الحج عمليا، ولكنه حرمها لأن الناس ما بين المتعة والحج يمكن أن يراودوا زوجاتهم فيغتسلون بسببها غسل الجنابة، وهو قوله: "فتقطر رؤؤسهم في الحج"!!!... كيف يحرّم عمر ما أحله الله وفعله رسوله "لكرهه"؟!
النتيجة الثانية: ما فعله عمر حرام قطعا، فهو قد حرّم ما أحل الله ورسوله، وأصر على رأيه هذا حتى نهاية حياته مع عدم قبول الصحابة بذلك (انظر المصدر الثالث)، ويؤيد عِظَمَ جرأة عمر على تغيير حكم الله ورسوله ما قاله ابن عباس للناس متعجباً حول ذلك في المصدر الرابع، فقال: "فقال: أقول قال رسول الله، وتقولون: قال أبوبكر وعمر!"
إشارة أخيرة: نهى عثمان عن متعة الحج، وقد رد عليه الإمام علي، كما تكلم ابن عباس في ذلك بعد خلافة عمر، بينما لم نجد رواية أن الإمام علي وابن عباس ردّا على عمر، لماذا؟ هل يعلم الصحابة عنه شيئا لا نعرفه نحن حتى لا ينهوه عن هذا المنكر في حياته؟! أم أنهم يعلمون أنه لن ينتهي عن ذلك؟ أم أن هناك عقابا وبلاء سيحصل على من يعارض كلام عمر؟
الحادثة الثالثة: "جهل وإصرار عمر في حكم التيمم":
أ- المصادر:
المصدر الأول: سورة النساء الآية 43: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا (43))
المصدر الثاني: المصدر الثاني: سورة المائدة الآية 6: قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6))
المصدر الثالث: صحيح مسلم: كتاب الحيض: باب التيمم: http://tinyurl.com/d88zjuh
المصدر الرابع: صحيح مسلم: كتاب الحيض: باب التيمم: http://tinyurl.com/ccn4ah3
ب- البيان:
1. الآيتان الكريمتان توضحان بشكل صريح حكم من أجنب ولم يجد ماء، وهو التيمم، ولا حاجة لنا لعرض أكثر من هذا، فلا خلاف بين المسلمين فيه.
2. المصدر الثالث يوضح جهل عمر بحكم التيمم، بل أصر عليه على الرغم من وجود هذا الحكم في القرآن، وبالرغم من تذكير عمار له بأنه حين أجنب عمار وأخبره عمر بألا يصلي، وقام عمار بالتيمم والصلاة، وأقر النبي فعل عمار، ولكن عمر أصر مجددا على عدم التيمم والصلاة!
يصر عمر على ألا يتيمم المجنب رغم قول الله ورسوله مع وجود حادثة مباشرة حصلت له مع عمار، وقال النبي الحكم بعينه له! .. جرأة على الله ورسوله!
3. المصدر الرابع يبيّن مناقشة بين عبدالله بن مسعود وأبو موسى حول قضية التيمم، وبيّن أن عمر لم يقنع بقول عمار! حكم الله ورسوله أم حكم عمر؟!
الحادثة الرابعة: "عمر بن الخطاب، ورفع صوته فوق صوت النبي":
أ- المصادر:
1. صحيح البخاري: كتاب تفسير القرآن: سورة الحجرات: باب "لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي":
http://tinyurl.com/8fmoez4
2. صحيح البخاري: كتاب تفسير القرآن: سورة الحجرات: باب "إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون":
http://tinyurl.com/cpvgdtb
3. صحيح البخاري: كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة: باب ما يكره من التعمق والتنازع في العلم والغلو في الدين والبدع:
http://tinyurl.com/8qpldpj
4. مسند أحمد (ج26 ص55): http://tinyurl.com/br9oent
5. مسند أبو يعلى (ج12 ص193-194): http://tinyurl.com/9a7lf92
ب- البيان:
1. تبين المصادر الخمسة أن نزول الآية 2 من سورة الحجرات سببها رفع عمر وأبو بكر صوتهما في حضرة النبي (ص)، وهو كما بينت الآية عمل يحبط الأعمال، وهو أمر مخجل أن تنزل آية فيهما بهذا الخصوص، وهو يدل على عدم أدب عمر في حضرة النبي (ص).
2. تذكر المصادر (1،2،4) أن عمر لم يرفع صوته عند النبي بعدها، وهو أمر غير صحيح، فقد كررها بعد ذلك! متى كان هذا؟ سنبينه في الحلقة القادمة إن شاء الله تعالى.
سنبين أن أدب عمر مع النبي لم يتغير حتى مع نزول الآية فيه! كما سنبين حادثتين أو ثلاث نكتفي بها لننهي هذا البحث المتواضع.
انتظرونا مع الجزء الثالث والأخير من البحث، شكرا لمتابعتكم.
حقي كإنسان
@eHAQYe
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق