في
الجزء الأول من المقال اعتمدتُ على طرح التساؤلات أكثر، وهذا لكي يتسنى للقارئ الكريم
ليحلل الموضوع ويصل للنتيجة بنفسه، أما هذا الجزء فسنتناول فيه إن شاء الله مسألة الانتصار،
والتي أخذت حيزاً واسعاً في المقال الأول كونه فعلياً أو شكلياً، وكيف يكون في هذه
الحالة وتلك الحالة، ومتى يكون الانتصار انتصارا يمهد للحجة المنتظر.
قبل
أن نقرأ "ظهر الغلاف كما يقال" دعونا نقفز للوسط:
الإمام
المهدي (عج) سيخرج ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما مُلئت ظلماً وجوراً، هذا الكلام
يؤكد يقيناً ودون شك أنه بعد خروج الإمام المهدي سينتهي مفهوم الظلم والجور من على
وجه الأرض وسيسوده العدل، ولكن كيف؟؟
بالتحليل
المنطقي والعقلاني نجد أن انتهاء الظلم لن يكون إلا في حالتين: موت الظالم، أو تحوله
لشخص صالح.
موت
الظالم أمر لا نحتاج فيه إلى تحليل، فهو أمر ليس فيه صعوبة كونه بيد الله عز وجل، ولكن
بالنسبة لنفس الظلم والجور، كيف ينتهي هذا الشيء؟؟ هذا هو الجزء المتعلق بثورتنا.
في
أحد الخطب لأحد علمائنا الأفاضل، قال أن أعظم علامة لقرب خروج المهدي هي (تهذيب النفس)
وتهيئتها لخروج بقية الله في أرضه، وهذا العامل أحد أبرز العلامات التي تؤكد حتمية
الظهور وتساعد في اقترابه، وهو الذي سيكون نتيجته التخلص من الظلم والجور بعد ذلك،
ولكن أي ظلم وجور سينتهي بعد ظهور الإمام؟ هل هو ظلم الناس والفساد فقط؟ أم ظلم وفساد
النفس أيضاً؟!
فلنبتعد
قليلاً ونعد للمحور السابق تلقائياً لنهاية الفقرة، الحق المراد من ثورتنا هو أن تلد
في نهاية مخاضها دولة إسلامية عادلة تطبق دين الله وشريعته، وتمهّد لدولة الإمام المهدي
(عج)، لكن كيف تكون ثورتنا في هذا المقام؟ وكيف نجعلها تلد أو تنتج هذه النتائج؟؟ أليس
بممارسات واتباع خط واحد معين يوصلنا لهذا المطاف؟
البحرين
في الثورة منقسمة لثلاثة أقسام: قسم يريد إسقاط النظام، وآخر يريد إصلاحه بملكية دستورية،
وآخر يريد النظام كما هو دون تغيير، علينا أن نعرف أي قسم يريد أن يعمل لإقامة نظام
إسلامي بعد انتهاء الثورة، وهو بدون تفكير القسم المطالب بإسقاط النظام الذي فيه جزء
مع شديد الأسف لا يريد دولة إسلامية بداعي التحرر!!
هنا
نقطة مهمة: الإمام لن يظهر إلا بتحقق علامة كبيرة من العلامات وهي (تهذيب النفس)، إن
كان بيننا نحن المسلمون الموالون لأهل البيت هذه العقليات المتشردة عن دينها، إضافة
لكثرة ارتكاب المعاصي من البعض الذي هو عامل يناقض تهذيب النفس، فكيف إذا نريد لأنفسنا
أن ننتصر فعلاً!؟ كيف نريد أن نكون بعد الثورة دولة ممهّدة لدولة الإمام!؟ بل كيف سنمهّد
أساساً ونهيّئ الأرض لخروج الحجة بن الحسن!!؟؟
مما
سبق يتضح لنا أن الانتصار الحقيقي الفعلي لا يشترط فيه أن يكون انتصارا على الأرض
–أيّ الحصول على الكرسي والسلطة من الظالم والإطاحة به من عرشه-، بل يكون انتصاراً
نفسياً دينياً داخلياً.
هنا
نصل بالشارع الأول (الفقرة الأولى) والثاني (الفقرة الثانية) إلى نقطة تقاطع هامة جداً
هو فساد النفس والظلم، وأننا يجب أن نعرف كيفية التخلص منها من أجل تحقيق انتصار حقيقي
يمهّد لظهور الحجة، وسألخص هذه الخيوط السميكة في نقاط كالتالي:
1-
طريق انتصار الثورة السليم يكمن في البدء بانتصار الناس على أنفسهم الأمّارة بالسوء،
واستقامتهم على الدين الصحيح ومبادئه، والذي سيكون البداية لتهذيب النفس وتهيئتها لظهور
منقذها.
2-
أحد أسباب تأخر النصر الإلهي هو عدم نصرة الإنسان لله، والتي شرطها اتباع أوامره ونواهيه،
هذا لمن أراد نصراً مؤزراً من عنده.
3-
إذا كنا نريد أن تلد ثورتنا دولةً ممهّدة لدولة الإمام المنتظر، ونكون نحن من المهيّئين
لظهوره، علينا الالتزام بنصرة النفس وترك فسادها أولاً، لأن ذلك سيؤسس نفساً صالحة
تعمل الصالح والصحيح في دنياها وثورتها، وتؤدي بعد ذلك انتصارا حقيقيا ينتج منه إقامة
دولة قد أرست قبلها حجر أساسٍ صلبٍ صحيح، لتكون دولة بإذن الله تعالى ممهّدة لظهور
الحجة بن الحسن (عج).
هكذا
سيكون انتصارنا، وهكذا نأمل بأن تكون دولتنا، هذا إن نفذنا كل ذلك طبعا، سنكون بإذن
الله ومشيئته من الممهّدين لدولة إمامنا، والمقاتلين بين يديه.
أسأل
أن يوفقني لتكملة كل أُطر هذا الموضوع ، والسلام.
هزيم رحمة
@HzeemRahma
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق