فهرس هذه الحلقة:
1) ملخص لما سبق، وهو مهم لترتيب نتائج حول الميزان الذي وضعه
شريعتي في تقييم التشيع الصفوي وعلمائه.
2) مناقشة حول النقطة الثالثة من الملخص لإثراء البحث.
3) هل يمكن الاعتماد على هذه الآراء الثلاثة له (التربة-الشعائر-الثقلين)
كضوابط لمعرفة التشيع الصفوي؟
4) رأي شريعتي في التشيع الصفوي وعلمائه، والذين منهم علماء الشيعة
الإثني عشرية -على أقل تقدير- كما تبيّن في الحلقات السابقة وهذه الحلقة.
5) النتيجة النهائية مع تعليق لنا.
1) الملخص:
بيّنا في 3 حلقات سابقة 3 أقوال للدكتور
علي شريعتي في كتابه (التشيع العلوي والتشيع الصفوي) يبيِّن فيها أن من يرى هذه الأمور
الثلاثة فتشيّعه صفوي، وهي:
1- التربة الحسينية هي كسائر التراب، وكل
من يرى بأن لها فضلا خاصا وأنها تشفي من الأمراض فتشيعه صفوي، وقد بيّنا أن هناك روايات
تصرّح بقداسة هذه التربة المباركة، ووضعنا آراء أربعة من علمائنا المعاصرين عنها (ثلاثة
في الحلقة الأولى وواحد في الحلقة الثانية)، والذين يرتِّبون أثرا على هذه الروايات،
مما يوضّح صحتها عندهم.
(راجع: http://bahrain14times.blogspot.com/2013/01/blog-post.html)
2- الشعائر الحسينية بدع وغير موافقة للشريعة
والعلماء -والتي منها اللطم والنياحة بشكل جماعي ووضع السواد في المآتم-، وكل من يرى
أنها ممدوحة وموافقة للشريعة فتشيعه صفوي.
(راجع: http://bahrain14times.blogspot.com/2013/01/blog-post_4914.html)
3- نص حديث (كتاب الله عترتي) هو مفسِّر
ومتمّم ونتيجة لحديث (كتاب الله وسنتي)، ويجب الاعتقاد بهما معا لا بأحدهما فقط، ولا
فائدة من وجود أحدهما دون الآخر، ومن يعتقد بوجود (كتاب الله وعترتي) فقط فهو شيعي
صفوي.
(راجع: http://bahrain14times.blogspot.com/2013/01/blog-post_28.html)
2) إشكال وردّ حول النقطة الثالثة:
هناك إشكال وردنا حول النتيجة الثالثة
-المتكلمة عن حديث الثقلين- ويستحق التأمل والرد، والإشكال هو: إن الدكتور علي شريعتي
لا يقصد بكلامه هنا أنه من لم يعتقد بـ"نص حديث كتاب الله وسنتي" فهو شيعي
صفوي، ولكنه يقصد بأنه من لم يعتقد بـ"مضمون حديث كتاب الله وسنتي" فهو شيعي
صفوي، بدليل أن الكلام الذي سبقه يدل على ذلك -نرجو مراجعة كلامه من الكتاب ص259-262-،
وهنا نقول:
أ- ذكرنا أنه قال حول الحديثين: (التشيع الصفوي ينفي
-إذن- وجود حديث فيه عبارة (كتاب الله وسنتي) مثلما أن أركان التسنن الأموي ينفون النص
القائل (كتاب الله وعترتي))، وهي عبارة واضحة في أنه يقصد نص الحديثين لا
المضمون، بقرينة قوله: "ينفي وجود حديث فيه عبارة.." وقوله: "ينفون النص
القائل"، فكلامه هنا هو في النص لا المضمون.
من جهة أخرى، إن كلمات شريعتي قبل النص
الذي أوردناه عنه تدل على أنه يقصد النص لا المضمون، فقد قال في الفقرة الأولى ص259
أن التشيع العلوي (أقرب المذاهب وأضبطها في الاعتقاد بالسنة النبوية والالتزام بها
عمليا)، ثم بيّن أن أجلى مصاديق التشيع العلوي في الاعتقاد والالتزام بالسنة
النبوية هو الإمام علي (ع)، وهنا يأتي كلامنا، فلنكون "أضبط المذاهب للالتزام
بالسنة عمليا" يجب أولا أن نثبت الصحيح من السنّة حتى نعمل بها، وهو ما يفعله
علماؤنا في التحقيق والتدقيق في السند والمضمون وغير ذلك من القواعد والضوابط العلمية،
وعليه فلا يمكن العمل بحديث وترتيب أثر ونتيجة عليه دون دليل على صحة صدوره من النبي
(ص).
ب- لو سلَّمنا وقلنا بأن شريعتي يقصد بكلامه
مضمون الحديث لا النص فستكون هناك مشكلة أخرى، وهي أننا لا نعلم عالما من علماء الشيعة
-العلوية والصفوية على حد سواء- يضع العترة مقابل السنة، فقد قلنا أنهم يأخذون بصحة
مضمون الأخذ بالسنة وهو من الواضحات عندهم، وعليه فهو ادّعاء دون دليل، بينما وجدنا
أن شريعتي لم يتَّبع هذا الميزان -اتباع العترة والسنة معا- في حديثي قداسة التربة
وحديث الثقلين، فقد ردّ روايات الأول وصحّح نصا لا يمكن إثباته في الثاني.
ملاحظة مهمة: ذكر الدكتور شريعتي عن ضابطة حول أسلوب
الكلام في الروايات وردها أو قبولها في نفس كتابه، فقد قال في ص128: (إن في التراث الشيعي
طرقا علمية وقواعد فنية دقيقة في تشخيص صحة الرواية من سقمها، ويعد هذا الباب والمجال
العلمي من أعظم المزايا العلمية للمسلمين والشيعة على وجه خاص، فثمة علم الحديث والدراية
الذي له أساليبه الخاصة في البحث والتدقيق وتحليل المستندات التاريخية على أساس ضوابط
ومعايير محددة يتم في ضوئها الحكم على الرواية بالقبول والرد، وتأتي في المرتبة الأولى
إثبات حجية السند من خلال النظر في وسائط الرواية وهل يوجد في السلسلة حلقات مفقودة
أو مجهولة وهل بين الرواة أشخاص كذابون أو متهمون بالجعل والافتراء، ومن ثم يلاحظ عدد
الناقلين للرواية، واحد أو متعدد، قليلون أم كثيرون؟ بعدها يصار إلى البحث في دلالة
الرواية ومضامينها هل تتطابق مع القرآن وهل توافق السنة وأن لا تخالف العقل ولا إجماع
العلماء، وفي ضوء ذلك يقسم الحديث إلى مسند ومرسل وصحيح وشاذ ونادر ومتواتر وغيره،
هذا هو أسلوب الكلام حول الروايات وردها أو قبولها) انتهى.
أقول: وعليه فإننا قد ناقشناه وحاكمناه حسب
ضابطة هو يراها، والتي لم يطبِّقها على نفسه حينما تكلم فن قضيتي (التربة الحسينية) و (حديث الثقلين)،
فتأمل.
3) هل يمكن الاعتماد على هذه
الثلاث آراء (التربة-الشعائر-الثقلين) كضوابط لمعرفة التشيع الصفوي؟
الجواب: نعم، فقد ذكر في كتابه (التشيع
العلوي والتشيع الصفوي) ص54: (... وأنا الآن بصدد بيان المبادئ العامة لكلا المذهبين والمدرستين،
مدرسة التشيع العلوي ومدرسة التشيع الصفوي وذلك ضمن مواصلتي لسلسلة دروس (تاريخ الأديان).)،
وقال في ص246 أنه ذكر أمورا هي من "الأسس الاعتقادية للمذهبين"، كما أنه
ذكر في كتابه (الإمام علي في محنه الثلاث) ص125: ((أن الخصائص والضوابط والملامح المميزة
بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي واضحة بيّنة...)) وأنه ((يمكن الفصل بينهما
بسهولة بعد أن تحدّدت المعالم ووضعت النقاط على الحروف)).
وعليه نقول: إننا لو رأينا شخصا يرى أن
التربة الحسينية مقدسّة وتشفي من الأمراض، ويرى استحباب أو مدح الشعائر الحسينية، ويقول
بصحة نص حديث (كتاب الله وعترتي) دون نص (كتاب الله وسنتي) فإنه يحصل اطمئنان بأنه
شيعي صفوي -حسب تقسيم شريعتي-، فهذه من الضوابط الواضحة والمعالم المحددة والملامح
المميزة للتشيع الصفوي.
4) ما رأي شريعتي في التشيع
الصفوي وعلمائه -والذي يدخل فيه قطعا علماء الشيعة الإثني عشرية الذي يرون هذه الأمور
الثلاثة السالفة (قداسة التربة الحسينية- مدح والحث على الشعائر- حديث الثقلين بلفظ
وعترتي فقط)-؟
الجواب: سنذكر بعض كلماته كما ذكرها في
كتابه (التشيع العلوي والتشيع الصفوي) بتصرف:
1- التشيع الصفوي هو الخصم اللدود للتشيع العلوي (ص138)، وهو قرين
التسنن الأموي (ص261)، ونهجه هو نهج السقيفة الذي يعمل على ضوء المصالح لا المبادئ
(ص 51)، كما أن له ارتباطا واضحا مع المسيحية (ص206 وص149).
2- التشيع الصفوي كاذب، فهو تشيّع الشرك والخرافة والفرقة (ص238)،
وهو تشيّع منحرف عن عمد وقصد، وتمتد جذوره إلى الظلم مباشرة ومن دون واسطة (ص242)،
ومؤسس هذا التشيع هو أبو سفيان (ص242-245).
3- رجل الدين الصفوي متعصب تعصبا أعمى، وليس لديه أدنى استعداد
للإصغاء للمخالف له في الرأي (ص82)، كما أن خطاباته هي للعوام، أما العلماء وأهل التخصص
فيهرب من مواجهتهم، وهو ليس سوى أداة رسمية لإصدار الأحكام على ضوء ما استنبطه مريدوه
تبعا لأهوائهم ومزاجهم، فهو ببغاء تردّد ما يقوله العوام، ويفتي بأن الكتاب الفلاني
نظريته باطلة ومخالف لموازين الشرع دون اطلاع (ص85)، وهو يحلِّل الحرام ويحرّم الحلال
بطريقة يشيب منها الرأس (ص151)، وحرفته تلبيس الحق بالباطل وإلقاء رداء التقوى على
هيكل الزور (ص154)، وتضلّع في هذه المهمة حتى وصل به الأمر إلى خداع ربه إلى درجة بات
يزاول فيها هذا العمل دون أن يهتز له ضمير، حتى تحوّل هذا الأسلوب الخادع المقيت إلى
ظاهرة طبيعية وسنة مقبولة تصنّف في عداد الحلول الشرعية (ص156).
3- الصفوية تخشى من التفاهم والأخوة والوحدة بين المسلمين، وتعتبرها
خطرا يهدِّد وجودها القائم على الاختلاف بينهم، وهذا الخطر تستشعره الصفوية أكثر شيء
في مراسيم الحج، كما أنها حرصت على تعطيل و تبديل الكثير من الشعائر والسنن والطقوس
الدينية وإهمال العديد من المظاهر الإسلامية المشتركة بين المسلمين، ففي مراسيم الحج
مثلا حرص الصفويون على تضييق دائرة المشتركات فيها وتوسيع دائرة المختصات، وذلك تفاديا
لاجتماع المسلمين سنة وشيعة في شعيرة دينية أو فريضة جامعة، مما يكرّس الشعور بأن الدين
ليس واحدا (ص142)
5) النتيجة النهائية:
التشيع الصفوي عند شريعتي -والذي يرى أمورا
منها قداسة التربة الحسينية وأهمية الشعائر الحسينية ووجود نص واحد لحديث الثقلين-
تشيّع كاذب منحرف بعمد وقصد، قرينه التسنن الأموي، أساسه أبو سفيان، نهجه السقيفة،
صبغته المسيحية، يدعو للشرك والخرافة والفرقة، علماؤه متعصّبون تعصبا أعمى ويتّبعون
الهوى ويحلّلون الحرام ويحرّمون الحلال لدرجة أنها أصبحت حرفتهم وتضلّعوا فيها.
أقول: في الحلقات السابقة عندما عبّرنا عن الدكتور
علي شريعتي بأنه "منحرف" قامت قائمة البعض، رغم ما قيل فيه من العلماء وما
أثبتنا بعضه في الحلقات السابقة، وناقشوا في هذا التعبير نقاشا مستميتا، وهذا أمر عجيب
منهم، فها هو يقول كل هذه الأقاويل من تحقير لنا ولهم كشيعة، وتفسيق واضح ووقح لعلمائنا
ومراجعنا الذين نعتقد فيهم الورع والتقوى بإصرار واستماتة دون ورع وتقوى منه، ولكن
يبدو أن هؤلاء البعض حين يصبح المتكلَّم عنه هو علي شريعتي فإنهم يدافعون عنه كما يدافع
أهل السنة والجماعة عن صحابتهم، فيصبح هو كما الصحابة متأوِّلاً مخطئاً وله أجر! فلا
حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم! نسأل الله الهداية للجميع.
سنختم هذا البحث وهذه الحلقات في الأسبوع
القادم إن شاء الله تعالى ببيان خلل في ميزان شريعتي لتقييم علماء التشيعين حسب تقييمه،
وعرض بعض أقواله المنحرفة الأخرى كإشارات، منتهين ببعض آراء العلماء والمجتهدين عنه...
نسأل الله التوفيق لذلك... والحمد لله رب العالمين.
حقي كإنسان
@eHAQYe
08-02-2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق